شيماء ضحية الكفاح والصبر

في بيت بسيط يغمره الحب والرضا، عاشت شيماء، فتاة لم تكن كغيرها. منذ صغرها، كانت تحمل في عينيها حلمًا أكبر من عمرها، وحبًا للعلم لا يضاهيه شيء. رغم الظروف الصعبة، كانت من المتفوقات دائمًا. وبعد الإعدادية، لم تلتحق بالثانوي العام رغم مجموعها المرتفع، فقط لأنها رفضت أن تُرهق والدها بمزيد من المصاريف. كانت تقول دائمًا: “أنا هكافح بطريقتي… المهم أوصل”.
بدأت شيماء رحلتها في التعليم الفني – مدرسة صنايع – ومنها إلى معهد، ثم واصلت كفاحها حتى التحقت بكلية الهندسة.
كان الطريق مليئًا بالصعوبات، لكنها لم تشتكِ يومًا. بالعكس، كانت تبتسم، تعمل، وتذاكر، وتدعو الله أن يحقق حلمها. لم تكن فقط طالبة، بل كانت عمودًا في بيتها.
في موسم العنب، كانت تذهب للعمل في الأراضي الزراعية لتساعد في مصاريف الكلية. لم يكن ذلك واجبًا عليها، لكنها كانت تقول لوالدتها:
هشتغل الصيف ده عشان عندي مواد ومش عايزة أكون حمل على بابا.
كانت شقيقتها ترافقها دائمًا للعمل، لكن في ذلك اليوم… حدث ما لم يكن في الحسبان. طلبت شيماء من أختها أن تبقى في المنزل. “خليكي نايمة النهاردة”، هكذا قالت… وكأنها كانت تشعر بشيء.
رحلت شيماء في حادث على الطريق الإقليمي، حادث أدمى القلوب.
تحكي والدتها، ودموعها لا تجف:
ياريتني ما صحيتك، ياريتني حبستك في البيت وما خرجتيش.
كان عمها أول من علم بالحادث. ومنذ تلك اللحظة، بدأت رحلة من الجري بين المستشفيات، وكل قلب في العائلة ينبض بدعاء ألا يكون الخبر صحيحًا. لكن جاءهم الخبر الصعب… شيماء لم تعد.
لم تكن فقط طالبة هندسة، كانت حلمًا تمشى على الأرض، شابة صنعت من الألم نجاحًا، ومن التعب أملًا.
ورحلت… في لحظة، وتركَت وراءها قلب أم، ودمعة أخت، وصرخة حلم كان في طريقه أن يصبح واقعًا.