إيران تشيّع ستين من قادتها العسكريين وعلمائها النوويين ضحايا الضربات الإسرائيلية

في صباح يوم السبت، 28 يونيو 2025، بدأت إيران مراسم تشييع رسمية لستين من القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا مع إسرائيل، والتي بدأت فجر 13 يونيو 2025.
تأتي هذه المراسم في اليوم الرابع لوقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسط تصريحات متبادلة وتوترات مستمرة بين الطرفين.
تفاصيل المراسم والخسائر البشرية
تبدأ مراسم التشييع من ساحة “الثورة” وسط العاصمة طهران، وتنتهي في ساحة “آزادي”، التي تُعد رمزًا تاريخيًا بارزًا ارتبط بالثورة الإسلامية عام 1979.
من المتوقع أن تشهد المراسم حضورًا جماهيريًا كبيرًا، على غرار مراسم تشييع سابقة، مثل تشييع قاسم سليماني عام 2020. وتشمل قائمة الضحايا ثلاثين ضابطًا عسكريًا بارزًا، من بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، وقائد القوة الجوفضائية أمير علي حاجي زاده، بالإضافة إلى علماء نوويين بارزين مثل محمد مهندي طهرانجي وزوجته، وفريدون عباسي دواني.
كما تضم القائمة أربع نساء وأربعة أطفال، فيما أفادت وزارة الصحة الإيرانية بمقتل 627 مدنيًا على الأقل جراء الضربات الإسرائيلية.
سياق الحرب وتصعيد التوترات
بدأت الحرب بهجوم إسرائيلي مفاجئ في 13 يونيو 2025، أطلق عليه اسم “الأسد الصاعد”، استهدف منشآت نووية مثل نطنز وفوردو وخنداب، وقواعد عسكرية، ومصانع صواريخ باليستية، إلى جانب عمليات اغتيال طالت قادة عسكريين وعلماء نوويين.
ووفقًا لمسؤول إسرائيلي، قُتل أكثر من 30 مسؤولًا أمنيًا و11 خبيرًا نوويًا خلال الحملة. وبررت إسرائيل هجومها بأنه “استباقي” لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، مشيرة إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن إيران جمعت يورانيوم مخصبًا يكفي لصنع 15 سلاحًا نوويًا خلال أيام.
وردت إيران بعملية “الوعد الصادق 3″، شملت إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، إلى جانب هجوم على قاعدة العديد الأمريكية في قطر ردًا على ضربات أمريكية استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية.
ردود الفعل السياسية
أثار الهجوم الإسرائيلي ردود فعل متباينة. واعتبرت دول مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، بينما أدانت دول مثل الصين وروسيا وبوليفيا الضربات ووصفتها بانتهاك للقانون الدولي. وفي طهران، ندد وزير الخارجية عباس عراقجي بتصريحات ترامب التي وصفها بـ”المهينة” ضد المرشد الأعلى علي خامنئي، مؤكدًا أن الشعب الإيراني لا يقبل التهديدات.
وأشار المرشد خامنئي في كلمة متلفزة إلى “انتصار” إيران، متوعدًا برد قاس إذا استأنفت الولايات المتحدة أو إسرائيل هجماتهما.
البرنامج النووي والجدل الدولي
تنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي، مؤكدة أن برنامجها النووي مدني، بينما تقول إسرائيل إن تقدم إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% يشكل تهديدًا استراتيجيًا.
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن الضربات أعاقت البرنامج النووي الإيراني لسنوات، لكن محللين نوويين أكدوا أن خبرات إيران العلمية لا يمكن القضاء عليها بالقوة العسكرية.
وفي ظل التوترات، رفضت إيران استئناف المفاوضات النووية مع واشنطن، رغم دعوات ترامب للعودة إلى طاولة الحوار.
تداعيات وتوقعات
تشير تقارير إلى أن الحرب كشفت عن انقسامات داخلية في إيران، حيث يرى البعض أن النظام أنفق مليارات على برامج عسكرية ونووية دون جدوى، بينما يطالب الشباب بإصلاحات.
ومع ارتفاع أسعار النفط عالميًا، تحذر دول غربية من مخاطر تصعيد إقليمي قد يشمل وكلاء إيران مثل الحوثيين وحزب الله.
ويبقى السؤال حول إمكانية استمرار وقف إطلاق النار، خاصة مع تهديدات ترامب بضربات جديدة إذا استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية.
هذه المراسم، إلى جانب التصريحات السياسية، تعكس عمق التوتر بين إيران وإسرائيل، مع احتمال استمرار التصعيد في ظل غياب وساطة فعالة.