أخبار دولية

اتفاق سلام تاريخي بين الكونغو الديمقراطية ورواندا برعاية أمريكية وقطرية في واشنطن

في خطوة وُصفت بالتاريخية، وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا اتفاقية سلام في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الجمعة 27 يونيو 2025، بهدف إنهاء نزاع استمر لأكثر من ثلاثة عقود في شرق الكونغو، مخلفًا آلاف القتلى ومئات الآلاف من النازحين.

جاء هذا الاتفاق برعاية الولايات المتحدة وبمساندة قطرية، في حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصف الحدث بأنه “فصل جديد من الأمل” للمنطقة.

أُقيمت مراسم التوقيع الرسمية في واشنطن بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية تيريزا كاييكوامبا واغنر، ووزير خارجية رواندا أوليفييه ندوهونجيرهي.

كما حضر الحفل ممثلون عن الاتحاد الأفريقي، من بينهم رئيس مفوضيته محمود علي يوسف ووزير خارجية توجو روبرت دوسي، إلى جانب وزير الدولة القطري محمد بن عبدالعزيز الخليفي كمراقب.

 تفاصيل الاتفاق

يستند الاتفاق إلى إعلان المبادئ الذي وُقّع في 25 أبريل 2025، ويتضمن بنودًا رئيسية تهدف إلى استعادة الاستقرار في منطقة البحيرات الكبرى، وهي:

– احترام وحدة الأراضي: التزام الطرفين بعدم التدخل في شؤون بعضهما الداخلية.

– وقف الأعمال العدائية: إنهاء جميع الأنشطة العسكرية بين البلدين.

– نزع سلاح الجماعات المسلحة: تفكيك الجماعات المسلحة غير الحكومية، مثل حركة “إم-23″، مع إمكانية دمج بعض عناصرها في المؤسسات الأمنية بشروط محددة.

– إنشاء آلية مراقبة مشتركة: لضمان تنفيذ بنود الاتفاق والتعامل مع أي تحديات أمنية.

– عودة اللاجئين: وضع خطة لتسهيل عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم بأمان.

 خلفية الصراع

يعود النزاع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث شهدت منطقة شرق الكونغو، الغنية بالموارد الطبيعية مثل التنتالوم والذهب والكوبالت، أعمال عنف مستمرة.

تصاعدت التوترات منذ نوفمبر 2021 مع تجدد هجمات حركة “إم-23” المسلحة، التي اتهمت الكونغو رواندا بدعمها عسكريًا بإرسال آلاف الجنود وتزويدها بالأسلحة. سيطرت الحركة في وقت سابق من عام 2025 على مدينتي غوما وبوكافو، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف وتفاقم الأزمة الإنسانية.

رواندا، من جانبها، نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أن تحركاتها كانت دفاعًا عن أمنها القومي ضد جماعات مثل “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا”، المرتبطة بإبادة 1994 في رواندا.

– دونالد ترامب: أشاد بالاتفاق واصفًا إياه بـ”يوم عظيم لإفريقيا والعالم”، مشيرًا إلى أنه سيمنح الولايات المتحدة فرصًا اقتصادية، بما في ذلك حقوق تعدين في الكونغو.

وأضاف في منشور على منصته “تروث سوشيال” أن الاتفاق ينهي عقودًا من العنف الدموي.

– ماركو روبيو: وصف الحدث بـ”لحظة تاريخية” بعد 30 عامًا من الحرب، لكنه حذر من أن هناك المزيد من العمل لضمان التنفيذ.

– تيريزا كاييكوامبا واغنر: أكدت أن الكونغو تسير نحو “سلام حقيقي”، مع التركيز على حماية السيادة الوطنية وإعادة النازحين.

– أوليفييه ندوهونجيرهي: عبر عن شكره للولايات المتحدة وقطر، مشيرًا إلى أن الاتفاق يمثل نقطة تحول في العلاقات بين كيغالي وكينشاسا.

– إيمانويل ماكرون: رحب بالاتفاق ووصفه بـ”خطوة تاريخية”، داعيًا إلى ضمان استدامة السلام.

– بينتو كيتا: رئيسة بعثة الأمم المتحدة ل حفظ السلام في الكونغو، أشارت إلى تقدم كبير نحو إنهاء النزاع، لكنها حذرت من استمرار التوترات.

– منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان: انتقدت الاتفاق لعدم تضمنه آليات واضحة للمحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة أن السلام الدائم يتطلب عدالة حقيقية.

دور الوساطة

لعبت الولايات المتحدة دورًا مركزيًا في الوساطة، بقيادة ماركو روبيو وفريقه، بما في ذلك وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية أليسون هوكر والمستشار الأقدم مسعد بولص.

كما كان لقطر دور بارز، حيث استضافت الدوحة محادثات تمهيدية في مارس 2025 بين الرئيس الرواندي بول كاغامي والرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي.

وأشادت وزيرة خارجية الكونغو بجهود قطر وقيادة أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مؤكدة أنها كانت أساسية في إنجاح المفاوضات.

يواجه الاتفاق تحديات كبيرة، منها:

– تنفيذ الاتفاق: يعتمد نجاح الاتفاق على التزام رواندا بسحب دعمها لحركة “إم-23” وقدرة الكونغو على إعادة دمج المقاتلين بشفافية.

– الأزمة الإنسانية: استمرار نزوح مئات الآلاف يتطلب جهودًا دولية لدعم عودة اللاجئين.

– المحاسبة: غياب آليات واضحة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان قد يعيق تحقيق سلام مستدام.

من المتوقع أن يستقبل ترامب الرئيسين كاغامي وتشيسكيدي في البيت الأبيض في يوليو 2025 لتعزيز الاتفاق.

كما يُتوقع أن يسهم الاتفاق في جذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى المنطقة الغنية بالمعادن، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والأمني.

هذا الاتفاق يمثل خطوة واعدة نحو إنهاء واحد من أطول الصراعات في إفريقيا، لكنه يتطلب التزامًا دوليًا وإقليميًا لضمان استدامته ومعالجة التحديات المتبقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى