اقتصاد وتكنولوجيا

تصعيد سيبراني غير مسبوق بين إيران وإسرائيل يكشف وجه الحرب الجديد

 

تتصاعد وتيرة المواجهة بين إيران وإسرائيل، لتتجاوز حدود المعارك العسكرية إلى جبهة رقمية معقدة، حيث تدور حرب سيبرانية خفية تعتمد على التكنولوجيا كسلاح فعّال ومؤثر، قد لا يخلف الدخان، لكنه يُحدث أثرًا مدمرًا في البنى التحتية والمعلوماتية للطرفين.

إيران تخترق كاميرات المراقبة داخل إسرائيل

في تطور بالغ الخطورة، أعلنت السلطات الإسرائيلية أن إيران تمكّنت من اختراق عدد من كاميرات المراقبة الخاصة داخل المدن الإسرائيلية، بهدف جمع بيانات مباشرة حول مواقع سقوط الصواريخ، ما يعزز من دقة الضربات لاحقًا.

رفائيل فرانكو، النائب السابق لرئيس هيئة السايبر الوطنية الإسرائيلية، أشار إلى أن محاولات الاختراق بدأت مع الموجة الصاروخية الأخيرة على تل أبيب، مشددًا على ضرورة تأمين أجهزة المراقبة عبر تغيير كلمات المرور وتفعيل المصادقة الثنائية.

اللافت أن هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان ما حدث في هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، حيث استُغلت كاميرات المدنيين في مراقبة التحركات. كما أن روسيا استخدمت الأسلوب ذاته خلال حربها مع أوكرانيا.

تقديرات تشير إلى أن آلاف الكاميرات الإسرائيلية ما زالت بكلمات مرور افتراضية، ما يجعلها هدفًا سهلًا للاختراقات.

 هجمات رقمية تضرب القطاع المالي الإيراني

على الجبهة الأخرى، أعلنت مجموعة اختراق موالية لإسرائيل تُعرف باسم “سبارو المفترس” مسؤوليتها عن هجوم إلكتروني واسع النطاق على النظام المصرفي الإيراني، أدى إلى تعطيل كبير في خدمات مصرف “سبه”، الذي يُتّهم بالتحايل على العقوبات الدولية.

الجماعة أعلنت عبر “تيليجرام” و”إكس” أنها دمرت بيانات حساسة، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من إيران حتى اللحظة.

بحسب وكالة “فارس”، فإن إيران تعرضت لأكثر من 6,700 هجوم سيبراني من نوع حجب الخدمة (DDoS) خلال ثلاثة أيام فقط، وهو ما دفع السلطات إلى فرض قيود شاملة على الإنترنت لتقليل حجم الضرر.

“سبارو المفترس” ليست جديدة على هذا النوع من الهجمات، فقد سبق وأن استهدفت شبكة السكك الحديدية، ومصنع فولاذ، وأنظمة محطات الوقود. ويعتقد خبراء الأمن أن هدفها يتجاوز التعطيل التقني إلى بث الذعر وزعزعة الثقة في البنية التحتية.

حجب الإنترنت في إيران و”ستارلينك” تدخل المعركة

في إجراء غير مسبوق، فرضت الحكومة الإيرانية قطعًا شاملًا ومؤقتًا للاتصالات وخدمات الإنترنت على مستوى البلاد، بهدف مواجهة الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية المتكررة.

شركة “Cloudflare” رصدت تراجعًا تجاوز 90% في حركة الإنترنت داخل إيران منذ بدء الحجب.

وزارة الاتصالات الإيرانية أكدت أن هذا الإجراء “مؤقت واحترازي”، فيما قال المواطنون إنهم لا يستطيعون إجراء مكالمات دولية أو الوصول إلى الشبكة العالمية، باستثناء المكالمات المحلية.

ومن جهة أخرى، أعلن الملياردير إيلون ماسك أن أقمار “ستارلينك” بدأت توفير تغطية إنترنت عبر الأقمار الصناعية فوق إيران، ما قد يعيد التواصل للمناطق المحرومة من الشبكة، خاصة بعد حظر السلطات الإيرانية لتطبيق “واتساب”، بحجة تسريبه البيانات لإسرائيل، وهو ما نفته شركة “ميتا” بشدة.

 نقلة نوعية في طبيعة الحرب

تزامن التصعيد الرقمي مع هجوم عسكري إسرائيلي استهدف منشآت نووية ومواقع حساسة داخل إيران، ما أسفر عن مقتل عدد من القادة، وردّت طهران بعنف عبر مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ويبدو أن هذه الجولة من المواجهة تؤكد أن الحروب القادمة لن تُحسم فقط بالسلاح التقليدي، بل بمن يمتلك السيطرة على الفضاء السيبراني.

فبينما تزداد الدول اعتمادًا على الشبكات المتصلة، تصبح الأنظمة الرقمية أكثر عرضة للاستهداف والتحكّم.

يقول محللون إن الحرب الحديثة باتت لا تقاس فقط بعدد الصواريخ أو المقاتلات، بل بمن يسيطر على البيانات أولًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى