
في ظل اقتراب ذروة فصل الصيف، تتصاعد في تركيا المخاوف الصحية بعد تسجيل حالة وفاة جديدة ناجمة عن فيروس “حمى القرم-الكونغو النزفية”، وسط ارتفاع ملحوظ في أعداد لدغات القراد، وفق بيانات وتحذيرات رسمية صدرت مؤخرًا.
وبحسب ما أوردته وسائل إعلام تركية، فإن الضحية الأخيرة هي إلكنور إكينجي (39 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال، فارقت الحياة في ولاية قيصري وسط البلاد بعد أيام من إصابتها بالفيروس القاتل. وتُعد هذه الوفاة السابعة المرتبطة بالفيروس خلال موسم الصيف الحالي، بعد الإعلان عن سادس وفاة في ولاية سيفاس قبل أيام فقط.
وبحسب التفاصيل، كانت إكينجي قد توجهت في أول أيام عيد الأضحى من منطقة طلاس إلى قرية قيزيل أورين التابعة لقضاء بينار باشي لذبح أضحية، حيث يُعتقد أن إحدى حشرات القراد التصقت بجسدها. ورغم محاولتها نزعها يدويًا، بدأت أعراض العدوى تظهر عليها تدريجيًا، مما دفعها إلى مراجعة مركز صحي محلي، قبل أن تتدهور حالتها لاحقًا وتُنقل إلى المستشفى، حيث توفيت رغم التدخلات الطبية.
لدغات بالآلاف وتحذيرات متزايدة في إسطنبول
في سياق متصل، كشفت إحصاءات رسمية صادرة عن مديرية الصحة في إسطنبول عن تسجيل 7002 حالة لدغة قراد منذ مطلع العام وحتى يونيو الجاري، 88% منها وقعت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، في مؤشر ينذر بزيادة موسمية ملحوظة.
وقال مدير صحة إسطنبول، البروفيسور عبد الله إيمره جونر، إن الغالبية العظمى من الحالات لا تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، إلا أن وجود أنواع قراد ناقلة لأمراض قاتلة مثل “حمى القرم-الكونغو النزفية” يجعل الوضع مقلقًا، رغم عدم تسجيل إصابات محلية بالفيروس في إسطنبول حتى الآن.
فيروس قاتل وموسم خطر
ينتقل فيروس “حمى القرم-الكونغو النزفية” عبر لدغات قراد Hyalomma أو من خلال ملامسة دماء أو سوائل الحيوانات المصابة، مما يعرض العاملين في الزراعة وتربية المواشي والجزارين والعاملين الصحيين لمخاطر متزايدة.
ويُعد فصل الصيف، ولا سيما خلال مواسم الأعياد، فترة نشطة لانتقال العدوى نتيجة تكثف عمليات الذبح والاختلاط المباشر بالحيوانات.
وقد تم تسجيل الفيروس للمرة الأولى في القرم في أربعينيات القرن الماضي، ثم ظهرت حالات مشابهة في الكونغو، ما أدى إلى التسمية الحالية. ويُسجل الفيروس اليوم في مناطق متفرقة من تركيا، وآسيا الوسطى، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا الشرقية.
تدابير وقائية مشددة
أوصت مديرية الصحة التركية باتباع إجراءات احترازية صارمة للوقاية من القراد، أبرزها: ارتداء ملابس طويلة ذات أكمام، وإدخال أطراف البنطال في الجوارب، وتفضيل الألوان الفاتحة لرصد الحشرات، بالإضافة إلى الفحص الذاتي الدقيق بعد العودة من الأماكن المفتوحة، لا سيما في المناطق المخفية من الجسم كالإبطين وخلف الركبتين.
كما شددت التعليمات على ضرورة التوجه الفوري إلى المراكز الصحية عند التعرض للدغ، وتجنب محاولات نزع القراد يدويًا أو باستخدام وسائل غير معقمة مثل الكحول أو السجائر.
وتواصل السلطات الصحية حملات التوعية في المناطق الريفية والمدن الكبرى، وسط دعوات للمواطنين بعدم الاستهانة بالخطر، والإبلاغ عن أي حالات مشتبه بها فورًا.