أخبار دولية

هجوم أوكراني غير مسبوق يهز روسيا ويثير توقعات برد قوي

في تطور عسكري جريء، نفذت أوكرانيا هجوماً واسع النطاق بطائرات بدون طيار استهدف قواعد جوية روسية استراتيجية في عمق الأراضي الروسية، مما أحدث تغييراً جذرياً في أساليب الحروب الحديثة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” نقلاً عن مسؤولين أمريكيين وغربيين.

وقد وصف المسؤولون هذا الهجوم، الذي أطلق عليه اسم “عملية شبكة العنكبوت”، بأنه نموذج لتطور استراتيجيات الحرب في القرن الحادي والعشرين، حيث تمكنت أوكرانيا من إلحاق أضرار جسيمة بالترسانة الروسية باستخدام تقنيات غير تقليدية وبتكلفة منخفضة.

 تفاصيل الهجوم الأوكراني

وقعت الهجمات يوم الأحد، 1 يونيو 2025، واستهدفت عدة قواعد جوية روسية، بما في ذلك قاعدة بيلايا الجوية في سيبيريا، التي تبعد أكثر من 3000 ميل عن العاصمة الأوكرانية كييف.

وفقاً لتقييمات أولية أجراها مسؤولون أمريكيون وأوروبيون، أسفر الهجوم عن تدمير أو إلحاق أضرار كبيرة بما يصل إلى 20 طائرة استراتيجية روسية، من بينها ست قاذفات بعيدة المدى من طراز Tu-95، وأربع قاذفات من طراز Tu-22M، إلى جانب طائرة استطلاع من طراز A-50، والتي تُعدّ من الأصول الحيوية للكشف عن الدفاعات الجوية وتوجيه الصواريخ.

هذه الخسائر وجهت ضربة قوية لقدرات روسيا في تنفيذ هجمات جوية بعيدة المدى، وهي قدرات تعتمد عليها موسكو في عملياتها العسكرية ضد أوكرانيا.

 استراتيجية مبتكرة وتكتيكات غير تقليدية

اعتمدت أوكرانيا في هذا الهجوم على تكتيكات مبتكرة، حيث تم تهريب الطائرات بدون طيار داخل حاويات خشبية مزودة بأغطية يتم التحكم بها عن بُعد، وتم نقلها عبر شاحنات إلى مواقع قريبة من القواعد الجوية المستهدفة.

هذه الطائرات، التي لا تتجاوز تكلفتها 600 دولار للوحدة، تمكنت من تدمير أصول عسكرية روسية ثمينة تُقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.

وقد قارن مسؤول دفاعي أمريكي هذه العملية بالهجوم الإسرائيلي على أجهزة البيجر التابعة لحزب الله في لبنان العام الماضي، مشيراً إلى الدقة والابتكار في التخطيط والتنفيذ.

 سرية العملية وغياب التنسيق مع واشنطن

كشف مسؤولون أمريكيون أن أوكرانيا لم تخطر إدارة الرئيس دونالد ترامب مسبقاً بالعملية، وهو أمر يعكس حرص كييف على السرية التامة لضمان نجاح الهجوم. وأوضح المسؤولون أن الأوكرانيين تجنبوا إبلاغ الولايات المتحدة بسبب علمهم بأن واشنطن قد تعترض على استهداف القاذفات الاستراتيجية الروسية القادرة على حمل أسلحة نووية، نظراً للحساسيات السياسية والاستراتيجية المرتبطة بهذه الأهداف.

كما أشاروا إلى أن أوكرانيا عززت إجراءات الأمن العملياتي في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد تسريبات غير مقصودة من مسؤولين أمريكيين عبر تطبيق سيغنال.

 توقعات برد روسي قوي

حذر مسؤولون أمريكيون من أن روسيا قد تستعد لشن هجوم انتقامي واسع النطاق رداً على الهجمات الأوكرانية.

ولم يحدد المسؤولون الأهداف المحتملة، لكنهم توقعوا أن موسكو قد تعاود استهداف البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، مثل شبكات الطاقة، أو تشن موجات جديدة من الهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية متوسطة المدى.

وأكد مسؤول دفاعي أمريكي أن الأضرار التي تسببت بها الطائرات المسيرة الأوكرانية كبيرة، لكنها لن تكون كافية بمفردها لإجبار روسيا على تقليص عملياتها العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية.

 تداعيات استراتيجية وتحذيرات عالمية

أثار الهجوم نقاشات بين حلفاء الناتو حول ضرورة إعادة تقييم نقاط الضعف في دفاعاتهم الجوية، خاصة في مواجهة تهديدات الطائرات بدون طيار. وقال صامويل بينديت، خبير الأسلحة في مركز التحليل البحري، إن الهجوم الأوكراني كشف عن هشاشة القواعد العسكرية الكبرى التي تضم طائرات متوقفة على المدارج، مشيراً إلى أن الدفاعات الحالية قد لا تكون كافية لمواجهة هجمات مماثلة.

وأضاف أن هذه الضربات تُعد بمثابة “هدية” للولايات المتحدة، حيث تُظهر قدرة أوكرانيا على إضعاف خصم استراتيجي مشترك باستخدام تكتيكات مبتكرة.

من جانبه، أشاد السيناتور ليندسي غراهام، الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، بالعملية الأوكرانية، واصفاً إياها بأنها دليل على ذكاء وإبداع كييف في مواجهة روسيا.

كما أشار الجنرال بن هودجز، القائد السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، إلى أن الهجوم تسبب في انخفاض كبير في قدرة روسيا على إطلاق صواريخ كروز، مما يُضعف موقفها العسكري.

 تأثير الهجوم على المفاوضات

جاء الهجوم عشية جولة جديدة من المحادثات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، مما يعزز الافتراض بأن كييف تسعى لتعزيز موقفها التفاوضي.

ومع ذلك، حذر محللون من أن هذا التصعيد قد يدفع موسكو إلى تشديد موقفها أو الرد بعنف، مما يعقد المسار الدبلوماسي.

وقد أعربت روسيا عن “رضا” مبدئي عن المحادثات، لكن الهجوم الأوكراني قد يدفعها إلى تقديم مقترحات جديدة أو تصعيد هجماتها على الأراضي الأوكرانية.

يُعد الهجوم الأوكراني بمثابة نقطة تحول في الصراع المستمر، حيث أظهر قدرة كييف على تنفيذ عمليات معقدة بعيداً عن حدودها، مستغلة التكنولوجيا الحديثة والتكتيكات غير التقليدية.

ومع تصاعد التوترات وتوقعات برد روسي قوي، تبقى الأنظار متجهة نحو تداعيات هذا الهجوم على مسار الحرب والجهود الدبلوماسية لإنهائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى