منوعات

دراسة تحذر: الإفراط في تصفح السوشيال ميديا يؤدي إلى تآكل الدماغ!

هدير البحيري

في ظل الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي ومشاهدة مقاطع الفيديو المتتالية، تبرز تساؤلات حول ما إذا كان هذا السلوك، المعروف بـ”التمرير الكارثي”،  يمكن أن يؤدي فعلًا إلى ما يُطلق عليه البعض “تآكل الدماغ”.

مؤخرًا، اختارت “جامعة أكسفورد” مصطلح “تآكل الدماغ”  ليكون “كلمة العام”، في إشارة إلى التدهور الذهني والمعرفي الناجم عن الاستهلاك المفرط للمحتوى السطحي أو غير المعقد على الإنترنت.

تقول أستاذة طب الأعصاب المساعدة بجامعة ساوث كارولاينا الأمريكية، الدكتورة أندريانا بينيتز: “ما يُعد طعامًا غير صحي للدماغ هو المحتوى الرديء والمنخفض الجودة الذي نستهلكه بشكل مفرط عبر الإنترنت. هذا النمط يؤدي إلى تدهور معرفي ونفسي بمرور الوقت.”

ورغم عدم وجود إجماع علمي قاطع حول التأثيرات المباشرة لهذه الظاهرة على الدماغ، إلا أن المؤشرات المتراكمة لا يمكن تجاهلها.

فبحسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، يقضي نصف المراهقين في الولايات المتحدة أكثر من أربع ساعات يوميًا أمام الشاشات، فيما تشير التقديرات العالمية إلى أن البالغين قد يقضون أكثر من ست ساعات يوميًا على الإنترنت.

تُظهر البيانات أن واحدًا من كل أربعة مراهقين ممن يقضون وقتًا طويلًا على الإنترنت، يعاني من أعراض القلق أو الاكتئاب.

وتكشف نتائج دراسة التطور الإدراكي العصبي لدى المراهقين، وهي الأكبر من نوعها في الولايات المتحدة، أن الاستخدام المكثف للشاشات مرتبط بزيادة احتمالات الإصابة بالاكتئاب، والقلق، واضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه، بل وأعراض جسدية مثل الصداع والدوار والغثيان.

تربط أبحاث أخرى بين “تآكل الدماغ الرقمي” وبين التبلّد العاطفي، فرط التحميل المعرفي، وتراجع الوظائف التنفيذية مثل التخطيط واتخاذ القرار والذاكرة.

ويرى مدير معهد أبحاث الدماغ والعقل في نيويورك، الدكتور كوستانتينو إيديكولا أن الضرر لا يكمن فقط في استخدام الشاشات، بل في الأنشطة التي تُهمل خلالها، قائلًا:

“كلما طالت فترة استخدام الشاشات، قلّ الوقت المخصص للنشاط البدني، أو التفاعل الإنساني المباشر، وهو عنصر حاسم لتطور الدماغ في مرحلتي الطفولة والمراهقة.”

واشارت الدكتورة بينيتز إلى أن نوعية المحتوى لا تقل أهمية عن مدته، قائلةً:

“إذا كنت تستهلك كميات مفرطة من المحتوى غير المفيد، فقد تبدأ رؤيتك للواقع في التشوه، ويتأثر توازنك النفسي.”

وتشبه ذلك بتناول الوجبات السريعة، حيث تقول إن كيس رقائق واحد قد لا يكون ضارًا، لكن ثلاثة أكياس دفعة واحدة قد تكون مشكلة.”

تشدد الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال على أهمية وضع خطة استخدام مشتركة بين الأهل والأبناء، وتشجيع الأنشطة الإبداعية، والاهتمام بالهوايات غير الرقمية كالرياضة والموسيقى والفنون.

كذلك يُنصح بتجنب استخدام الشاشات قبل النوم، لما لها من تأثير سلبي على جودة النوم بسبب التعرض للإضاءة والمحفزات.

وتؤكد بينيتز: “يجب أن نعلم الأطفال والبالغين على السواء كيف يستهلكون المحتوى الرقمي بوعي ونقد. ليس كل ما يُعرض مفيدًا، ويجب أن نعرف متى نتوقف.”

ويضيف إيديكولا: “المشكلة ليست في التكنولوجيا نفسها، بل في الإفراط في استخدامها. الاعتدال والتوجيه هما الحل.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى