جوجل تكشف عن «مشروع مارينر» في Google I/O 2025

في إطار فعاليات مؤتمر Google I/O 2025 الذي عُقد في 21 مايو 2025، أعلنت شركة جوجل عن إطلاق “مشروع مارينر” (Project Mariner)، وهو وكيل ذكي مدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، يهدف إلى إعادة تعريف تجربة تصفح الإنترنت من خلال أتمتة المهام وتنفيذها نيابةً عن المستخدمين.
يُعد هذا المشروع خطوة طموحة نحو تحسين تفاعل المستخدمين مع الويب، مع تقديم ميزات مبتكرة تُعزز الكفاءة والسرعة في إنجاز المهام الرقمية.
تفاصيل مشروع مارينر
“مشروع مارينر” هو وكيل ذكي يعتمد على نموذج الذكاء الاصطناعي Gemini، تم تطويره بواسطة فريق DeepMind التابع لجوجل.
يتميز هذا الوكيل بقدرته على تصفح الإنترنت بشكل مستقل، مما يتيح له تنفيذ مجموعة واسعة من المهام مثل التسوق عبر الإنترنت، حجز التذاكر، أو إتمام الحجوزات دون الحاجة إلى تدخل مباشر من المستخدم.
يعمل مارينر كإضافة لمتصفح كروم، حيث يتحكم في المتصفح بشكل مباشر من خلال تحريك المؤشر، النقر على الأزرار، وملء النماذج بطريقة تحاكي تفاعل الإنسان مع المواقع الإلكترونية.
تم تقديم المشروع لأول مرة في أواخر عام 2024، حيث وُصف بأنه خطوة إستراتيجية لتغيير طريقة تفاعل المستخدمين مع الإنترنت.
وفي نسخته المحدثة التي كُشف عنها في Google I/O 2025، أصبح مارينر يعمل عبر أجهزة افتراضية سحابية، مما يسمح له بتنفيذ ما يصل إلى 10 مهام في وقت واحد دون التأثير على أداء جهاز المستخدم. هذا التحسين يُمثل قفزة نوعية مقارنةً بالإصدار السابق الذي كان يعتمد على تشغيل الوكيل داخل متصفح المستخدم، مما كان يحد من قدرته على التفاعل مع تطبيقات أخرى أثناء العمل.
الوصول إلى مارينر عبر باقة AI Ultra
أعلنت جوجل أن الوصول إلى مشروع مارينر سيكون متاحًا حصريًا لمشتركي باقة “Google AI Ultra” الجديدة، والتي تُكلف 249.99 دولارًا أمريكيًا شهريًا في الولايات المتحدة.
تشمل هذه الباقة ميزات متقدمة مثل نموذج Gemini 2.5 Pro، أداة توليد الفيديو Veo 3، محرر الفيديو الذكي Flow، و30 تيرابايت من التخزين السحابي، بالإضافة إلى اشتراك في YouTube Premium.
وتوفر جوجل خصمًا ترويجيًا لأول ثلاثة أشهر بسعر 124.99 دولارًا شهريًا. ومع ذلك، أكدت الشركة أن مارينر سيتم طرحه تدريجيًا في دول أخرى قريبًا.
التكامل مع تطبيقات جوجل وواجهات البرمجة
سيتم دمج قدرات مارينر في واجهات برمجة التطبيقات (APIs) الخاصة بـ Gemini و Vertex، مما يتيح للمطورين بناء تطبيقات ذكية تستفيد من إمكانيات الوكيل الذكي.
كما أعلنت جوجل عن خطط لإدراج مارينر ضمن “وضع الذكاء الاصطناعي” (AI Mode) في تجربة بحث جوجل الجديدة، مما سيسمح بتقديم إجابات ذكية ومعقدة بناءً على التصفح الذكي.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت جوجل عن نموذج أولي لتجربة “Agent Mode”، وهي ميزة تجمع بين التصفح الذكي، البحث المتقدم، والتكامل مع تطبيقات جوجل الأخرى مثل Gmail وGoogle Docs، وستكون متاحة قريبًا لمشتركي باقة AI Ultra على أجهزة الحاسوب.
المنافسة والتحديات
يأتي مشروع مارينر في سياق تنافسي مع أدوات مشابهة مثل “Operator” من OpenAI، و”Nova Act” من أمازون، و”Computer Use” من Anthropic.
ومع ذلك، تُشير التقارير إلى أن هذه الأدوات ما زالت في مراحلها الأولية، وتواجه تحديات مثل بطء الأداء والأخطاء المتكررة.
استجابت جوجل لهذه التحديات من خلال الاستفادة من تعليقات المستخدمين الأوائل لتحسين أداء مارينر، مما جعله أكثر كفاءة وموثوقية.
ومع ذلك، لا يزال مارينر في مرحلة تجريبية، وقد يواجه تحديات تنظيمية ومشكلات دقة في بعض الحالات، خاصةً مع التعليمات الغامضة.
تؤكد جوجل أن مارينر يُمثل جزءًا من رؤيتها لتطوير “وكلاء ذكاء اصطناعي” قادرين على تغيير الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون مع الإنترنت.
من خلال التعاون مع منصات ومواقع شهيرة، تسعى جوجل لضمان عمل مارينر بسلاسة عبر مجموعة واسعة من التطبيقات.
يتوقع أن يُسهم هذا المشروع في إعادة تشكيل علاقة الشركات بعملائها عبر الإنترنت، من خلال تقديم تجارب أكثر ذكاءً وتخصيصًا.
الخصوصية والأمان
لتعزيز ثقة المستخدمين، أكدت جوجل أن مارينر لا يستطيع إتمام عمليات الدفع أو إدخال بيانات البطاقات الائتمانية، كما أنه لا يقبل ملفات تعريف الارتباط (Cookies) أو يوقّع على اتفاقيات شروط الخدمة بشكل مستقل، مما يمنح المستخدمين سيطرة كاملة على هذه العمليات.
يعتمد مارينر على أخذ لقطات شاشة أثناء التصفح وإرسالها إلى نظام Gemini السحابي لمعالجتها، مما يضمن الحفاظ على خصوصية البيانات.
يُعد “مشروع مارينر” خطوة ثورية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يُقدم وكيلًا ذكيًا يُبسط تفاعل المستخدمين مع الإنترنت ويُعزز إنتاجيتهم.
مع إتاحته ضمن باقة Google AI Ultra وتكامله مع تطبيقات جوجل المختلفة، يُظهر مارينر إمكانات هائلة لتحسين تجربة المستخدم الرقمية. ومع استمرار جوجل في تحسين هذا المشروع، يُتوقع أن يُحدث تأثيرًا كبيرًا على كيفية إدارة المهام عبر الإنترنت في المستقبل القريب.