
في 21 مايو من كل عام، يحتفل العالم بـ”اليوم العالمي للشاي”– احتفاءً بأحد أقدم المشروبات في التاريخ وأكثرها استهلاكًا بعد الماء.
ويأتي هذا اليوم، الذي اعتمدته الأمم المتحدة منذ عام 2019، للتأكيد على أهمية إنتاج الشاي بشكل مستدام، ودعم صغار المنتجين، إلى جانب إبراز الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذا المشروب العابر للقارات.
من أوراق سقطت بالصدفة… إلى مشروب عالمي
وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يعود تاريخ الشاي لأكثر من 5 آلاف عام، حيث تروي الأسطورة أن الإمبراطور الصيني شين نونغ كان يغلي الماء عام 2737 قبل الميلاد عندما سقطت أوراق من شجرة الشاي في إنائه. جرب الإمبراطور المشروب الجديد، ومن هناك بدأت رحلة الشاي التي لم تتوقف حتى يومنا هذا.
ورغم أن دقة القصة محل جدل، إلا أن الشواهد تؤكد أن الشاي عُرف في الصين منذ عهد أسرة هان، وأصبح مشروبًا وطنيًا خلال أسرة تانغ، حين كتب المفكر لو يو أول كتاب عن الشاي بعنوان “تشا تشينغ”. ومن الصين، انتقل إلى اليابان مع الرهبان البوذيين، ثم إلى بقية أنحاء العالم.
طقوس وثقافات… الشاي أكثر من مجرد شراب
في الصين، مهد الشاي، تُحيط به فلسفة “تشا داو” أو “طريق الشاي”، التي تمزج تحضيره بقيم الطاوية مثل التناغم والتوازن. وفي اليابان، يتحول شاي “ماتشا” الأخضر المطحون إلى طقس تأملي يُعرف بـ”تشادو”، يُمارس بإيماءات هادئة تعبّر عن الاحترام والروحانية.
في الهند، أكبر منتج ومستهلك للشاي عالميًا، يُحضر “تشاي” بالتوابل، ويُقدم للضيوف كرمز للضيافة، بينما تنتشر عربات “تشاي والا” في الشوارع كجزء من الحياة اليومية.
أما في تايلاند، يشتهر “تشا-ين” أو الشاي المثلج، وهو شاي أسود قوي يُقدم بالحليب والثلج، ويُعد ملاذًا منعشًا في المناخ الحار. وفي بريطانيا، لا تمر لحظة دون شاي، من “شاي العصر” إلى “إيرل جراي”. ويشرب البريطانيون نحو 160 مليون كوب يوميًا، في تقليد بدأ في العصر الفيكتوري.
فوائد مثبتة… كوب شاي قد يُطيل العمر
يُحضَّر الشاي من أوراق نبات Camellia sinensis، وتختلف أنواعه تبعًا لطريقة المعالجة، حيث يُصنّف إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الشاي الأسود الذي يُخمَّر بالكامل، الشاي الأخضر غير المخمَّر، وشاي الأولونغ الذي يُخمَّر جزئيًا. وعلى الرغم من اختلاف النكهات ودرجات الأكسدة، تتشارك جميع هذه الأنواع في احتوائها على مركّبات نباتية نشطة مثل البوليفينولات والفلافونويدات، التي تعزز الصحة العامة. فقد أثبتت الدراسات دور هذه المركّبات في خفض ضغط الدم والكوليسترول، وتحسين وظائف القلب والدماغ، إلى جانب مساهمتها في تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، لا سيما سرطان الفم. كما يساعد الشاي، خاصة الأخضر، على تعزيز التركيز والذاكرة بفضل احتوائه على الحمض الأميني “إل-ثيانين”، بالإضافة إلى مساهمته في ترطيب الجسم والوقاية من الجفاف، وهو ما يجعله مشروبًا مرتبطًا بالرفاهية وطول العمر.
ولا يقتصر دور الشاي على كونه مشروبًا يوميًا؛ بل يُعد مصدر دخل أساسيًا لأكثر من 13 مليون شخص حول العالم، معظمهم من صغار المزارعين.