تحقيق أمريكي في شراكة أبل وعلي بابا لدمج الذكاء الاصطناعي في آيفون الصين

أثار قرار شركة أبل بالتعاون مع مجموعة “علي بابا” الصينية لتفعيل تقنيات الذكاء الاصطناعي على هواتف آيفون في السوق الصينية قلقاً كبيراً في الولايات المتحدة، حيث بدأ البيت الأبيض وأعضاء في الكونغرس الأمريكي بمراجعة هذه الشراكة بعناية.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن المسؤولين الأمريكيين يخشون أن تسهم هذه الصفقة في تعزيز قدرات علي بابا في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق انتشار برامج الدردشة الصينية التي تخضع لرقابة صارمة، إلى جانب زيادة تبعية أبل للقوانين الصينية المتعلقة بالرقابة ومشاركة بيانات المستخدمين.
خلفية الشراكة
في فبراير 2025، أعلنت علي بابا رسمياً عن شراكتها مع أبل لتزويد هواتف آيفون في الصين بخدمات ذكاء اصطناعي متقدمة، في خطوة تهدف إلى تعزيز مكانة أبل في السوق الصينية التي تشهد تنافساً محتدماً مع شركات محلية مثل هواوي وشياومي.
وتأتي هذه الشراكة في وقت تعاني فيه أبل من تراجع مبيعاتها في الصين، حيث انخفضت مبيعاتها في المنطقة بنسبة 11% إلى 18.51 مليار دولار في الربع الأول المنتهي في 28 ديسمبر 2024، مع فقدانها صدارة سوق الهواتف الذكية لصالح فيفو وهواوي
أسباب القلق الأمريكي
تتركز مخاوف السلطات الأمريكية على ثلاثة محاور رئيسية:
1. تعزيز قدرات علي بابا: يُعتقد أن الشراكة قد تمكّن علي بابا من تحسين نماذجها للذكاء الاصطناعي، خاصة نموذج “Qwen2.5-Max” الذي يُزعم أنه تفوق على منافسين مثل “DeepSeek”، مما يعزز مكانة الصين في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
2. الرقابة الصينية: يخشى المسؤولون الأمريكيون أن تخضع برامج الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لقيود الرقابة الصينية، مما قد يحد من حرية التعبير ويعرض خصوصية المستخدمين للخطر.
3. مشاركة البيانات: هناك قلق من أن أبل قد تُجبر على الامتثال لقوانين بكين التي تفرض مشاركة بيانات المستخدمين مع الحكومة الصينية، مما يثير تساؤلات حول أمن البيانات وحقوق للمستخدمين
السوق الصينية
تواجه أبل تحديات كبيرة في الصين، حيث تُعد السوق ثاني أكبر أسواقها بنسبة 17% من إجمالي إيراداتها.
غياب ميزات الذكاء الاصطناعي في هواتف آيفون، التي أصبحت نقطة بيع رئيسية للمنافسين، ساهم في تراجع حصتها السوقية إلى 15% في 2024، مقارنة بـ19% في 2023.
ولتتمكن أبل من طرح ميزات الذكاء الاصطناعي في الصين، يتعين عليها الشراكة مع شركة محلية والحصول على موافقة الجهات التنظيمية الصينية، مما دفعها لاختيار علي بابا بعد مفاوضات مع شركات أخرى مثل بايدو وتينسنت وديب سيك.
ردود الفعل
لم تصدر أبل أو علي بابا تعليقات رسمية على التحقيق الأمريكي حتى الآن. ومع ذلك، أثارت الأنباء ردود فعل متباينة، حيث رأى بعض المحللين أن الشراكة قد تكون “محفزاً حاسماً” لتحسين أداء أبل في الصين، بينما حذر آخرون من أن الاعتماد على تطبيقات صينية مثل وي تشات بدلاً من تطبيقات أبل قد يحد من فعالية ميزات الذكاء الاصطناعي.
يُعد هذا التحقيق جزءاً من التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين حول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وفي يناير 2025، قدم السيناتور جوش هولي مشروع قانون يهدف إلى حظر تصدير واستيراد تقنيات الذكاء الاصطناعي بين البلدين، مما قد يؤثر على شراكات مثل صفقة أبل وعلي بابا إذا تم إقراره. كما ينظر المسؤولون الأمريكيون في إمكانية إدراج شركات ذكاء اصطناعي صينية، بما في ذلك علي بابا، على قوائم الشركات المحظورة من العمل مع الشركات الأمريكية.
تبرز هذه القضية التحديات التي تواجهها الشركات الأمريكية في التوازن بين متطلبات السوق الصينية والضغوط السياسية في الولايات المتحدة.
بينما تسعى أبل لاستعادة حصتها السوقية في الصين من خلال الشراكة مع علي بابا، يبقى التحقيق الأمريكي مصدر قلق قد يؤثر على خططها المستقبلية، في ظل تصاعد المنافسة التكنولوجية بين واشنطن وبكين.