ابتكار طبي جديد: أداة ذكاء اصطناعي تتنبأ بالعمر البيولوجي وصحة مرضى السرطان من خلال تحليل ملامح الوجه

طوّر فريق من العلماء في مؤسسة Mass General Brigham أداة ذكاء اصطناعي مبتكرة تُسمى FaceAge، تستخدم تقنيات تحليل صور الوجه لتقدير العمر البيولوجي والتنبؤ بمدى بقاء مرضى السرطان على قيد الحياة.

هذه الأداة، التي تعتمد التعلم العميق، أظهرت نتائج واعدة في دراسة شملت 6,196 مريضاً، حيث تبين أن العمر البيولوجي المُقدَّر للمرضى يتجاوز أعمارهم الزمنية بمعدل خمس سنوات تقريباً، وكان هذا الفارق مرتبطاً بانخفاض فرص البقاء على قيد الحياة.

 تفاصيل الدراسة وأداء الأداة

تم تدريب خوارزمية FaceAge باستخدام أكثر من 58,000 صورة وجه لأفراد أصحاء من قواعد بيانات عامة، ثم اختُبرت على مجموعة من مرضى السرطان في مركزين طبيين باستخدام صور وجههم الملتقطة عند بدء العلاج الإشعاعي.

أظهرت النتائج أن المرضى الذين بدَوا أكبر سناً بيولوجياً من أعمارهم الحقيقية، خاصة أولئك الذين تجاوز عمرهم البيولوجي المُقدَّر 85 عاماً، كانت لديهم معدلات بقاء أقل.

في تجربة إضافية، قارنت الدراسة بين دقة الأداة وتوقعات الأطباء. طُلب من عشرة أطباء التنبؤ بمدى بقاء 100 مريض يخضعون للعلاج الإشعاعي التلطيفي بناءً على صورهم وبياناتهم الطبية. تفوقت FaceAge على الأطباء في دقة التوقعات، خاصة لفترات البقاء قصيرة الأمد.

ومع ذلك، عندما استُخدمت تقديرات الأداة كمرجع، تحسّنت توقعات الأطباء بشكل ملحوظ، مما يبرز إمكانية استخدام هذه التقنية كأداة داعمة في اتخاذ القرارات السريرية.

تقنية متطورة وإمكانيات مستقبلية

تعتمد FaceAge على تقنيات التعلم العميق لتحليل ملامح الوجه، مما يتيح استخراج مؤشرات حيوية دقيقة تعكس الحالة الصحية والشيخوخة البيولوجية. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة The Lancet Digital Health، وأكد الباحثون أن هذه التقنية قد تمهد الطريق لتطبيقات واسعة في الطب الشخصي.

وأوضح الدكتور هوغو إيرتس، أحد الباحثين الرئيسيين، أن صورة وجه واحدة يمكن أن تكشف عن معلومات حيوية حول الصحة البيولوجية، مشيراً إلى أن المرضى الذين يبدون أصغر سناً من أعمارهم غالباً ما يحققون نتائج علاجية أفضل.

من جانبه، أشار الدكتور راي ماك إلى أن هذا الابتكار يفتح آفاقاً جديدة لاستخدام الصور كمؤشرات حيوية، مع تطبيقات محتملة تتجاوز السرطان لتشمل أمراضاً مزمنة مرتبطة بالتقدم في العمر، مثل أمراض القلب والسكري.

 الجوانب الأخلاقية والدينية

على الرغم من دقة الأداة في التنبؤ بالعمر البيولوجي ونتائج العلاج، يبقى من المهم التأكيد على أن هذه التوقعات ليست نهائية، بل هي تقديرات احتمالية تعتمد على البيانات. من منظور ديني، يُعتبر تحديد العمر أو موعد الوفاة من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله.

لذا، يُنصح باستخدام FaceAge كأداة مساعدة لتحسين قرارات الرعاية الصحية، مع مراعاة الإطار الأخلاقي والتنظيمي لضمان استخدامها بشكل مسؤول.

آفاق واعدة للطب الحديث

تُعد أداة FaceAge خطوة ثورية في مجال الطب الدقيق، حيث تُظهر كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحويل صورة بسيطة إلى أداة تشخيصية قوية.

مع استمرار تطوير هذه التقنية، يُتوقع أن تلعب دوراً متزايداً في تحسين نتائج العلاج وتعزيز جودة الرعاية الصحية، مع الحفاظ على التوازن بين الابتكار التكنولوجي والاعتبارات الأخلاقية.