تقارير

واشنطن تمنح سوريا فرصة جديدة برفع العقوبات وتدعوها لإثبات التزامها بالاستقرار

في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء 13 مايو 2025، من العاصمة السعودية الرياض، رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك خلال كلمته في منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي.

وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية هذا القرار عبر منشور على حسابها باللغة العربية بمنصة “إكس” يوم الأربعاء 14 مايو 2025، مرفقاً بمقطع مصور لكلمة ترامب، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى “منح الشعب السوري فرصة حقيقية” لإعادة بناء بلادهم بعد سنوات من الصراع.

وأوضح ترامب أن قراره جاء بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤكداً أن العقوبات التي كانت تستهدف نظام بشار الأسد السابق، والتي تسببت في معاناة اقتصادية كبيرة للشعب السوري، لم تعد ضرورية في ظل الحكومة الجديدة التي يقودها الرئيس أحمد الشرع.

وأعرب عن أمله في أن تنجح هذه الحكومة في تحقيق الاستقرار وإعادة السلام إلى سوريا، موجهاً كلامه للسوريين قائلاً: “حظاً موفقاً، سوريا، أروا العالم شيئاً مميزاً لبناء مستقبلكم.”

وأشار ترامب إلى أن هذه الخطوة تمثل بداية لتطبيع العلاقات مع سوريا، معلناً أنه سيلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء في الرياض، في أول لقاء بين رئيس أمريكي وسوري منذ 25 عاماً.

كما كشف أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو سيلتقي نظيره السوري أسعد الشيباني في تركيا خلال الأسبوع نفسه لتعزيز الحوار بين البلدين.

ردود فعل إيجابية وتحديات متوقعة

لاقى القرار ترحيباً واسعاً من الحكومة السورية الجديدة، حيث اعتبره وزير الخارجية أسعد الشيباني “نقطة تحول حاسمة” لإعادة إعمار سوريا وتحقيق الاستقرار.

كما رحبت الأمم المتحدة بالخطوة، حيث أكد المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك أن رفع العقوبات سيسهم في دعم إعادة الإعمار وتخفيف معاناة السوريين بعد عقد من الصراع.

وشهدت مدن سورية، مثل دمشق وحمص، احتفالات شعبية بعفوية، حيث تجمع المواطنون حاملين الأعلام السورية والسعودية، معبرين عن تفاؤلهم بمستقبل أفضل.

ومع ذلك، أثار القرار مخاوف لدى بعض الحلفاء، خاصة إسرائيل، التي تعرب عن قلقها من خلفية الشرع السابقة كقائد في جبهة النصرة المرتبطة سابقاً بتنظيم القاعدة، رغم إعلانه قطع العلاقات مع التنظيم منذ عام 2016.

وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد خففتا بعض العقوبات في وقت سابق، مشروطة بإثبات الحكومة السورية الجديدة التزامها بمكافحة الإرهاب، حماية حقوق الإنسان، ودمج الأقليات.

سياق القرار وسياسة ترامب الجديدة

يأتي قرار رفع العقوبات في إطار جولة ترامب في الخليج، التي تضمنت توقيع اتفاقيات استثمارية مع السعودية بقيمة 600 مليار دولار، بما في ذلك صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار.

ويعكس هذا التحرك تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، التي كانت منذ عام 1979 مدرجة على قائمة الدول الراعية للإرهاب، مع فرض عقوبات إضافية في أعوام 2004 و2011 استهدفت نظام الأسد بعد قمعه للاحتجاجات الشعبية.

وكانت الحكومة السورية الجديدة، منذ توليها السلطة في ديسمبر 2024 عقب الإطاحة بالأسد، قد طالبت المجتمع الدولي برفع العقوبات، معتبرة إياها عائقاً رئيسياً أمام إعادة الإعمار.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف قيمته عام 2011، مما يجعل رفع العقوبات خطوة حاسمة لتحسين الأوضاع المعيشية.

على الرغم من التفاؤل الذي أثارته الخطوة الأمريكية، يبقى نجاح الحكومة السورية الجديدة مرهوناً بقدرتها على تحقيق وعودها بالاستقرار والإصلاح.

ويشدد المراقبون على ضرورة مراقبة أداء الحكومة في مجالات مثل حماية الأقليات، مكافحة التطرف، وإعادة بناء الاقتصاد.

كما أن الدعم الدولي، بما في ذلك استثمارات الدول الخليجية مثل السعودية وقطر، سيكون حاسماً لتمكين سوريا من تجاوز عقود من الدمار والانقسامات.

بهذا القرار، تفتح واشنطن صفحة جديدة في علاقتها مع سوريا، لكن التحدي الأكبر يبقى في كيفية استغلال دمشق لهذه الفرصة لتحقيق طموحات شعبها في مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى