أخبار دولية

تصعيد خطير على نهر تشيناب: شاهد الهند تفتح بوابات سدي سالال وباغليهار وسط مخاوف باكستانية من فيضانات مدمرة

في تطور جديد يُنذر بمزيد من التوترات بين الهند وباكستان، أقدمت السلطات الهندية في 8 مايو 2025 على فتح ثلاث بوابات من سد سالال واثنتين من سد باغليهار على نهر تشيناب في إقليم جامو وكشمير، استجابةً للأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة.

هذا الإجراء، الذي جاء دون إشعار مسبق لباكستان، أثار مخاوف كبيرة في إسلام آباد من احتمال حدوث فيضانات مفاجئة في إقليمي البنجاب وجنوب البنجاب، حيث يُعد نهر تشيناب شريان حياة للزراعة والاقتصاد.

 خلفية العملية

تهدف عملية فتح البوابات إلى تنظيم مستويات المياه المرتفعة الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي تسببت في فيضانات وانهيارات أرضية في منطقة رامبان.

لكن غياب التنسيق المسبق مع باكستان، كما تنص معاهدة مياه السند لعام 1960، أثار انتقادات حادة. نفذت الهند عملية تفريغ مفاجئة للمياه من السدين خلال الفترة من 1 إلى 3 مايو 2025، مما تسبب في تدفقات غير مسبوقة عبر نهر تشيناب، أدت إلى أضرار محدودة في مناطق رياسي وأخنور الهندية، وأثرت على مناطق منخفضة في باكستان.

هذه العمليات، المعروفة بـ”تفريغ الخزان” لإزالة الطمي، تُجرى عادةً في أغسطس خلال موسم الرياح الموسمية، مما يجعل توقيتها الحالي مثيرًا للجدل. يُعتقد أن الهند تستغل السيطرة على تدفق المياه لإرسال رسائل سياسية في ظل التوترات المتصاعدة.

 تصميم السدود وتأثيرها

سدا سالال وباغليهار هما مشروعان كهرومائيان من نوع “تدفق نهري”، مصممان لتوليد الطاقة دون تخزين كميات كبيرة من المياه، وفقًا لمعاهدة السند.

ورغم أن هذا التصميم يحد من قدرة الهند على قطع المياه بشكل دائم، إلا أنه يتيح لها التحكم في توقيت إطلاق المياه، مما يؤثر على إمدادات باكستان، خاصة خلال موسم الخریف الزراعي (أبريل-سبتمبر)، الذي يعتمد على تشيناب لري محاصيل الأرز والذرة.

خلال بناء السدين، اعترضت باكستان بشدة، مما دفع الهند إلى تخفيض ارتفاع سد باغليهار إلى 143 مترًا، لتقليل سعته التخزينية بنسبة 13.5%، ضمانًا لتدفق المياه إلى باكستان.

السياق السياسي

يأتي هذا التصعيد بعد تعليق الهند لمعاهدة مياه السند في أبريل 2025، ردًا على هجوم إرهابي في باهالجام بجامو وكشمير، أسفر عن مقتل 26 شخصًا، واتهمت الهند جماعات مدعومة من باكستان بالمسؤولية.

منذ ذلك الحين، اتخذت الهند إجراءات مثل إغلاق معبر واجه-أتاري، وسحب دبلوماسييها من إسلام آباد، وخفض تدفق المياه مؤقتًا في 4-5 مايو 2025، حيث انخفضت مستويات تشيناب إلى 3100 كيوسك عند رأس مارالا في باكستان، مقارنة بمتوسط 25,000-30,000 كيوسك.

هذا الانخفاض أثر على موسم الخریف الزراعي في باكستان، التي تعاني بالفعل من نقص مياه بنسبة 43% في أبريل 2025.

 ردود الفعل الباكستانية

أثارت عملية فتح البوابات مخاوف من فيضانات في سيالكوت وغوجرات وقديراباد، خاصة بعد إطلاق 28,000 كيوسك من المياه عبر رأس مارالا.

أكد مسؤولون باكستانيون أن السدود الهندية، بسعة تخزينية تتجاوز 1.2 مليون قدم مكعب، يمكن أن تتسبب في نقص مائي لمدة 4-5 أيام أو فيضانات مدمرة إذا أُطلقت المياه فجأة.

وصف وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار هذه الإجراءات بأنها تهديد لأمن بلاده المائي، مؤكدًا أن باكستان لن تتخلى عن “قطرة مياه” وسترد ضمن الأطر القانونية الدولية.

 مخاوف إقليمية

حذر خبراء من أن هذه التطورات قد تشعل مواجهة بين القوتين النوويتين، خاصة مع التوترات حول كشمير.

يرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن باكستان قد تلجأ إلى استهداف البنية التحتية الهندية إذا استمر الضغط المائي.

كما أثيرت مخاوف في الهند من أن هذه الاستراتيجية قد تدفع الصين لاستخدام المياه كسلاح ضد الهند.

 دعوات دولية

دعا مجلس الأمن الدولي الهند وباكستان إلى تجنب التصعيد، محذرًا من تداعيات النزاع على الاستقرار الإقليمي.

إن فتح بوابات سدي سالال وباغليهار، بعد فترة من الإغلاق، يعكس استخدام الهند للمياه كأداة استراتيجية في ظل تعليق معاهدة السند.

بينما تبرر الهند الإجراءات بالضرورات الفنية، ترى باكستان تهديدًا لأمنها الزراعي. هذه الأزمة تستدعي تدخلًا دوليًا عاجلًا لمنع تصعيد قد يهدد استقرار المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى