جدل متصاعد في مصر حول تعديلات قانون الإيجار القديم مع بدء مناقشات البرلمان

في القاهرة، اشتعلت النقاشات حول قانون الإيجار القديم بعد أن بدأ البرلمان المصري مناقشة التعديلات التي اقترحتها الحكومة، وسط مخاوف من تأثير هذه التعديلات على ملايين المستأجرين.
يتركز الجدل حول مقترح تحرير العلاقة الإيجارية بين المالكين والمستأجرين خلال فترة انتقالية مدتها 5 سنوات، مما قد يؤدي إلى إخلاء العديد من الوحدات السكنية، بالإضافة إلى تحديد القيمة الإيجارية خلال هذه الفترة.
أكدت الحكومة المصرية التزامها بالحياد وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر، مشددة على أن أي إجراءات للإخلاء لن تتم إلا بعد توفير سكن بديل مناسب.
وأوضحت أن توفير الوحدات السكنية سيتم وفق جدول زمني يتماشى مع إمكانيات الدولة، مع ضمان الحفاظ على كرامة المواطنين وأمنهم السكني.
خلفية القانون وحكم المحكمة الدستورية
تعود جذور هذا الجدل إلى قرار صادر عن المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024، الذي قضى بعدم دستورية بعض مواد القانون رقم 136 لسنة 1981، المتعلق بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، خاصة تلك التي تتعلق بتثبيت الإيجارات السنوية للوحدات السكنية. وحددت المحكمة موعد تنفيذ الحكم بعد انتهاء الدورة التشريعية الحالية للبرلمان.
بعد هذا الحكم، بدأ البرلمان مناقشة تعديلات القانون، لكن الحكومة طلبت تأجيل النقاشات حتى تقدم مشروع قانون جديد يتماشى مع الحكم الدستوري. في الأسبوع الماضي، قدمت الحكومة مشروعين للقانون يتضمنان زيادة الإيجارات بنسبة 20 ضعف القيمة الحالية، بحد أدنى 500 جنيه (حوالي 9.87 دولار) للوحدات في القرى و1000 جنيه (حوالي 19.74 دولار) في المدن، مع زيادة سنوية بنسبة 15%. كما ينص المشروع على إنهاء عقود الإيجار بعد 5 سنوات، مع إلزام المستأجر بإخلاء الوحدة.
ردود الفعل داخل البرلمان
خلال الجلسات الأولى لمناقشة المشروع، عبر عدد من النواب عن رفضهم للتعديلات المقترحة. النائب مصطفى بكري وصف القانون بأنه “غير عادل”، معتبرًا أنه يهدد استقرار ملايين الأسر ويتعامل مع الأزمة من منظور أحادي، مطالبًا بإعادة صياغته لتحقيق العدالة الاجتماعية.
بدوره، أشار رئيس لجنة الإدارة المحلية، أحمد السيجيني، إلى أن تحرير العقود بعد 5 سنوات قد يتسبب في طرد كبار السن من منازلهم.
في المقابل، دافعت الحكومة عن مشروعها، مؤكدة أنه يستجيب لحكم المحكمة الدستورية ويحقق التوازن بين حقوق المالكين والمستأجرين.
وأوضح وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن التعديلات تراعي حماية الملكية الخاصة وتحرير العلاقة الإيجارية بعد فترة انتقالية، مع مراعاة الاختلافات بين المدن والقرى.
موقف وزارة الإسكان
أكد وزير الإسكان، شريف الشربيني، أن الدولة ستبدأ فور إقرار القانون في استقبال طلبات تسوية أوضاع المستأجرين، مع تحليل هذه الطلبات بناءً على معايير تشمل الدخل، عدد أفراد الأسرة، والموقع الجغرافي. وأشار إلى أن الدولة ستوفر وحدات سكنية وفق جدول زمني يتماشى مع احتياجات المواطنين، مع ضمان عدم تنفيذ أي إخلاء قبل توفير بديل مناسب.
أرقام وإحصاءات
وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ عدد الوحدات السكنية المشمولة بقانون الإيجار القديم حوالي 1.879 مليون وحدة، أي ما يمثل 7% من إجمالي الوحدات السكنية في مصر، والذي يصل إلى حوالي 42 مليون وحدة، حسب تعداد عام 2017.
آراء الأطراف المعنية
قال رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، محمد الفيومي، إن النقاشات ستستمر مع مشاركة واسعة من الوزراء، والخبراء، وممثلي المجلس القومي لحقوق الإنسان، بهدف صياغة تشريع متوازن يحقق استقرار المجتمع.
من جانبه، عبر مصطفى عبدالرحمن، رئيس رابطة ائتلاف ملاك العقارات القديمة، عن استيائه من التعديلات الحكومية، واصفًا إياها بـ”المخيبة لآمال المؤجرين”. واقترح تشريعًا جديدًا يتضمن:
1. فترة انتقالية مدتها 3 سنوات فقط، بإيجارات تتراوح بين 2000 جنيه في المناطق الشعبية، 4000 جنيه في المناطق المتوسطة، و8000 جنيه في المناطق الراقية.
2. تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر.
3. إخلاء الوحدات بعد انتهاء الفترة الانتقالية في حال عدم التوصل إلى اتفاق جديد.
وأضاف عبدالرحمن أن الإيجار الموحد (1000 جنيه) غير عادل، وأن فترة الـ5 سنوات طويلة جدًا، داعيًا الدولة إلى توفير سكن بديل للمستأجرين غير القادرين.
يظل قانون الإيجار القديم قضية شائكة تثير انقسامًا بين المستأجرين والمالكين والبرلمانيين.
بينما تسعى الحكومة لتحقيق توازن يتماشى مع الحكم الدستوري، تواجه تحديات في إرضاء جميع الأطراف، مع التأكيد على ضرورة حماية الفئات الأكثر ضعفًا وضمان استقرار المجتمع.