باكستان ترحل 860 ألف مهاجر أفغاني منذ سبتمبر 2023

منذ سبتمبر 2023، رحّلت باكستان أكثر من 860 ألف مهاجر أفغاني، فيما يعتبر عملية عودة جماعية على مدار شهور، معظم هؤلاء المهاجرين عادوا عبر إقليم خيبر باختونخوا.
وفقاً للبيانات الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة، يعتبر هذا الترحيل خطوة كبيرة نحو عودة اللاجئين إلى أفغانستان.
كانت الحدود بين باكستان وأفغانستان نقطة عبور رئيسية لهؤلاء العائدين، وقد تم مراقبة هذه العملية بعناية من قبل السلطات الباكستانية والمنظمات الدولية التي تتابع الوضع بشكل مستمر.
المرحلة الأولى: الترحيل القسري للمهاجرين غير المسجلين
في بداية العملية، ركزت باكستان على ترحيل المهاجرين الأفغان غير المسجلين، حيث كانت هذه المرحلة قسرية بطبيعتها.
وقد شملت هذه المرحلة أولئك الذين لا يحملون وثائق رسمية أو تصاريح إقامة قانونية في باكستان.
وفقاً للصحافة المحلية مثل صحيفة “دون” الباكستانية، كانت هذه المجموعات تحت ضغط العودة إلى أفغانستان بسبب الضغوط القانونية والأمنية في باكستان، وهو ما أدى إلى ترحيلهم بشكل قسري.
وكانت هذه المرحلة مثار جدل كبير بين المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث انتقدوا طريقة الترحيل التي وصفت بأنها عنيفة ومخالفة للقوانين الدولية التي تضمن حقوق اللاجئين.
المرحلة الثانية: ترحيل المواطنين الأفغان الحاملين للبطاقات الرسمية
بعد انتهاء المرحلة الأولى، دخلت العملية مرحلة ثانية في أوائل عام 2025. هذه المرة شملت المواطنين الأفغان الحاملين لـ “بطاقات المواطن الأفغاني”، والذين كانوا يقيمون في باكستان بشكل قانوني.
وقد حددت السلطات الباكستانية موعدًا نهائيًا لهم لمغادرة البلاد بحلول الأول من أبريل 2025. كانت هذه الخطوة تأتي في إطار تنظيمية أكثر وضوحًا مقارنة بالمرحلة الأولى، حيث كانت الأوامر واضحة لجميع المعنيين، لكن تبقى التحديات كبيرة في تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع.
التحديات الأمنية والإنسانية
عملية الترحيل هذه تأتي في وقت حساس بالنسبة لكل من باكستان وأفغانستان، حيث تواجه كلا البلدين تحديات كبيرة في التعامل مع هذه العودة الجماعية.
بالنسبة لباكستان، فإن الترحيل يثير المخاوف الأمنية، حيث تعتبر باكستان أن العديد من المهاجرين الأفغان قد يكون لهم صلات بالحركات المسلحة أو ينتمون إلى جماعات متطرفة، ما يجعل وجودهم على أراضيها يمثل تهديدًا للأمن القومي.
من جهة أخرى، تواجه أفغانستان تحديات في استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من العائدين، حيث تعاني البلاد من مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة، وتحتاج إلى دعم دولي لتتمكن من دمج هؤلاء العائدين في المجتمع وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لهم.
يشير الخبراء إلى أن العودة القسرية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في أفغانستان، في ظل النقص الحاد في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة وفرص العمل.
مستقبل العلاقات الباكستانية الأفغانية
تستمر عملية الترحيل هذه في تسليط الضوء على التوترات بين باكستان وأفغانستان، والتي تتعلق باللاجئين والمهاجرين.
بينما تسعى باكستان إلى تأمين حدودها وحماية أمنها الداخلي، تواجه أفغانستان تحديات كبيرة في إدارة هذا التدفق الكبير من العائدين.
على المدى الطويل، قد تضع هذه الأزمة مزيدًا من الضغوط على العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل احتياجاتهما المتزايدة للدعم الدولي والمساعدات الإنسانية.
ضرورة التنسيق الدولي
يبقى السؤال الأهم حول كيفية تنسيق الجهود الدولية لمساعدة اللاجئين الأفغان العائدين إلى ديارهم. في الوقت الذي تواصل فيه باكستان ترحيل المهاجرين، سيكون من المهم أن توفر أفغانستان بيئة آمنة ومستدامة لهم بعد عودتهم.
التنسيق بين الحكومات والمنظمات الدولية سيكون مفتاحًا لتحقيق ذلك، مع ضرورة تقديم الدعم اللازم لتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للمجتمعات التي استقبلت هؤلاء العائدين.