أخبار دولية

البرلمان الإندونيسي يقر تعديلات مثيرة للجدل على قانون الجيش

أقر البرلمان الإندونيسي، اليوم الخميس، تعديلات قانونية جديدة تمنح الضباط العسكريين المزيد من المناصب المدنية، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والمجتمعية.

وتأتي هذه الخطوة في ظل جهود الرئيس برابوو سوبيانتو، الذي تولى السلطة في أكتوبر الماضي، لإعادة تشكيل دور الجيش في مجالات كانت تُعتبر تقليديًا مدنية.

وتسببت هذه التعديلات في ردود فعل قوية، حيث أبدت منظمات المجتمع المدني قلقها من أن تؤدي هذه التغييرات إلى تراجع الديمقراطية في البلاد وإعادة إندونيسيا إلى فترة حكم الرئيس الأسبق سوهارتو، الذي منح الجيش نفوذًا واسعًا في شؤون الدولة.

 تصويت بالإجماع وسط معارضة منظمات المجتمع المدني

جاء التصويت على القانون في جلسة مكتملة لمجلس النواب، حيث قادت رئيسة المجلس بوان ماهاراني عملية التصويت التي انتهت بالإجماع لصالح التعديلات.

وأكدت ماهاراني أن القانون المعدل ينسجم مع المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، رغم المخاوف التي أثارتها المعارضة ومنظمات المجتمع المدني.

ويرى معارضو التعديلات أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى عودة نفوذ الجيش في المجالات غير العسكرية، مما يهدد الاستقرار الديمقراطي الذي حققته البلاد خلال العقود الماضية.

مظاهرات مرتقبة رفضًا للتعديلات

من المتوقع أن تشهد شوارع إندونيسيا موجة احتجاجات رافضة لهذه التعديلات. وعبّر الناشطون المدنيون عن استيائهم من منح الجيش أدوارًا جديدة خارج نطاقه التقليدي، معتبرين أن ذلك يمثل انتكاسة لمسار الديمقراطية في البلاد.

وكانت إندونيسيا قد قطعت خطوات مهمة منذ سقوط نظام سوهارتو عام 1998، حيث تم تقليص دور الجيش في الحياة المدنية بشكل تدريجي. لكن هذه التعديلات الجديدة تُعيد فتح النقاش حول الدور الذي يجب أن يلعبه الجيش في الدولة الحديثة.

 مواجهة التحديات الجيوسياسية والتكنولوجية

في المقابل، دافع وزير الدفاع شافري شمس الدين عن التعديلات أمام البرلمان، مؤكدًا أن التطورات الجيوسياسية والتكنولوجيا العسكرية تفرض على الجيش تبني أدوار جديدة لمواجهة التحديات المستقبلية.

وقال شمس الدين: التغيرات العالمية في المشهد الجيوسياسي والتطورات في التكنولوجيا العسكرية تتطلب من الجيش أن يتحول لمواجهة كل من الصراعات التقليدية وغير التقليدية.

وأضاف: لن نخيب آمال الإندونيسيين في الحفاظ على سيادتنا”، دون أن يحدد طبيعة التهديدات التي تواجهها البلاد.

توسيع صلاحيات الجيش ضمن خطط الرئيس برابوو

يُعتبر الرئيس برابوو سوبيانتو، الذي كان سابقًا قائدًا في القوات الخاصة خلال عهد سوهارتو، من أشد المؤيدين لتعزيز دور الجيش في الشؤون المدنية. وتأتي هذه التعديلات في إطار استراتيجيته لتوسيع نطاق نفوذ الجيش، حيث تم تكليفه بالفعل ببرامج مدنية مثل مبادرة تقديم وجبات مجانية للأطفال.

ويرى المحللون أن هذه الخطوات تعكس رؤية برابوو لاستعادة نفوذ الجيش في إدارة الدولة، وهو ما يثير قلق المعارضين الذين يخشون أن تؤدي هذه السياسات إلى تراجع الحريات الديمقراطية وتعزيز الطابع العسكري للحكم.

مخاوف من العودة إلى “النظام الجديد”

بالنظر إلى التاريخ السياسي لإندونيسيا، تخشى منظمات المجتمع المدني من أن تؤدي هذه التعديلات إلى إعادة إنتاج نموذج “النظام الجديد”، حيث كان الجيش يتمتع بسيطرة واسعة على الحياة السياسية والاقتصادية.

ويرى الخبراء أن نجاح أو فشل هذه التعديلات سيعتمد على كيفية تنفيذها ومدى التزام الحكومة بضمان التوازن بين الدور العسكري والمدني في البلاد. ومع استمرار الجدل حول هذه القوانين، يبقى السؤال الرئيسي: هل ستنجح إندونيسيا في الحفاظ على ديمقراطيتها، أم أنها ستتجه نحو هيمنة عسكرية جديدة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى