
في خطاب هو الأطول من نوعه أمام جلسة مشتركة للكونغرس، استعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب ملامح سياسته خلال أول 43 يومًا من ولايته الثانية، مشددًا على اتخاذ “إجراءات سريعة وحازمة بلا هوادة”.
تناول ترامب في خطابه قضايا محورية، أبرزها فرض رسوم جمركية عالمية، والاستثمار الأميركي في قناة بنما، وشن حملة صارمة على عصابات المخدرات المكسيكية.
كما دعا غرينلاند للانضمام إلى الولايات المتحدة، وضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب في أوكرانيا.
على الصعيد الاقتصادي، وصف جوش ليبكسي، مدير مركز الجغرافيا الاقتصادية في المجلس الأطلسي، نهج ترامب التجاري بأنه ليس مجرد أداة تفاوض، بل خطوة قد تؤدي إلى حرب تجارية عالمية.
وأوضح أن الإدارة الأميركية بدأت بالفعل بفرض رسوم جمركية شاملة على المكسيك وكندا، مع احتمال تطبيق إجراءات مشابهة على الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
أما بشأن أوكرانيا، فقد أشار ترامب إلى تلقيه رسالة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تعبر عن استعداد كييف للتفاوض مع موسكو، وسط مؤشرات على إمكانية إنهاء الخلاف بين الطرفين. ورغم ترحيبه بالمفاوضات، لا يزال الغموض يحيط بموقف روسيا من تقديم تنازلات حقيقية لإنهاء الصراع.
وفي مجال التكنولوجيا، أعلن ترامب عن استثمارات ضخمة لتعزيز صناعة أشباه الموصلات داخل الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز الهيمنة الأميركية في هذا القطاع. ومع ذلك، انتقد قانون الرقائق، الذي أُقر بدعم الحزبين، معتبرًا أنه “مروع للغاية”، رغم كونه امتدادًا لسياسات بدأها في ولايته الأولى.
من جانبه، اعتبر المحلل أبو بكر الديب أن خطاب ترامب يعكس توجهًا غير تقليدي قد يؤدي إلى إعادة تشكيل النظام العالمي، مشيرًا إلى أن مواقفه قد تؤدي إلى توتر علاقات أميركا مع حلفائها التقليديين، وظهور تحالفات جديدة بين أوروبا والصين أو تقارب أوروبي-روسي.
أما أستاذ العلاقات الدولية محمد عطيف، فأكد أن خطاب ترامب يعكس نهجًا واقعيًا يركز على إعادة ترتيب التحالفات وفق المصالح الأميركية، مشيرًا إلى أن توجهه الانعزالي وتقليص التزامات واشنطن الدولية قد يدفع الدول الأخرى لإعادة تقييم استراتيجياتها الأمنية والاقتصادية.
بهذا الخطاب، يواصل ترامب تنفيذ أجندة “أميركا أولًا”، مؤكدًا أن سياساته ستؤثر بعمق على التوازنات الدولية، وقد تعيد تشكيل خريطة التحالفات العالمية في السنوات المقبلة.