تقارير

تعليق تمويل الأبحاث الطبية في الولايات المتحدة يثير جدلًا قانونيًا وعلميًا

أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيقاف خطوة حيوية في عملية تمويل الأبحاث الطبية التي يشرف عليها المعهد الوطني للصحة (NIH)، ما اعتبره خبراء قانونيون انتهاكًا واضحًا لأمر قضائي مؤقت صادر عن محكمة فدرالية يمنع تجميد التمويل الحكومي.

وبموجب هذا القرار، توقفت المعاهد الوطنية للصحة عن تقديم قوائم اجتماعات “اللجان الدراسية” إلى السجل الفيدرالي، وهو إجراء قانوني مطلوب قبل انعقاد هذه الاجتماعات التي تعد أساسية لمراجعة طلبات منح الأبحاث الطبية.

تعد اجتماعات اللجان الدراسية التي يجتمع خلالها العلماء لمراجعة مقترحات التمويل، خطوة حاسمة لضمان استمرار الأبحاث العلمية في مجالات متنوعة مثل تطوير الأدوية، أبحاث السرطان، أمراض القلب، والشيخوخة.

ووفقًا للقوانين الفيدرالية، يجب الإعلان عن هذه الاجتماعات في السجل الفيدرالي قبل 15 يومًا على الأقل من انعقادها. ومع ذلك، تم تأجيل الاجتماعات المقررة في 20 فبراير دون سابق إنذار، مما أدى إلى تعطيل عملية تقييم المقترحات البحثية وتأخير التمويل اللازم لها.

 ردود الفعل من المجتمع العلمي والقانوني

وصف عدد من العلماء هذا التعليق بأنه “إغلاق فعلي” لبرنامج الأبحاث الخارجية. وأكدت كارول لابون، عالمة البيولوجيا في جامعة نورث وسترن، أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى وقف العديد من المشاريع البحثية الحيوية.

من جهته، أوضح صمويل باجِنستوس، أستاذ القانون في جامعة ميشيغان، أن المحكمة الفيدرالية أصدرت أمرًا واضحًا بوقف تجميد التمويل الفيدرالي، بما في ذلك إزالة أي عقبات إدارية أو تشغيلية تحول دون تنفيذ هذا القرار.

وأضاف أن استمرار الإدارة في تجاهل هذه القرارات قد يعرض المسؤولين لعقوبات قانونية، تصل إلى السجن في بعض الحالات.

 تأثير القرار على الباحثين والمشاريع العلمية

أدى الإلغاء المفاجئ لاجتماعات اللجان الدراسية إلى اضطراب كبير بين العلماء والباحثين. حيث فوجئ أحد العلماء بإلغاء اجتماع كان من المفترض أن يناقش مقترحه البحثي، في اللحظة التي كان يستعد فيها للسفر إلى واشنطن العاصمة لحضوره.

وأوضح أن هذا الإلغاء غير المبرر أدى إلى شلل مؤقت في عملية التمويل، حيث قدّر مصدر مطلع أن كل ثلاثة أيام من التأخير تعني تعليق مليار دولار من التمويل البحثي.

أشار بعض العلماء إلى أن قرار التعليق قد يكون جزءًا من استراتيجية “غير مباشرة” لمحاربة العلوم الطبية، إذ يعتمد على إجراءات بيروقراطية معقدة لا يدركها سوى القليل من العاملين في المعهد الوطني للصحة. وأكد أحد الباحثين أن هذه العرقلة الإدارية ليست مجرد تأخير عادي، بل إنها تمثل تعطيلًا ممنهجًا قد يؤدي إلى إغلاق بعض المختبرات البحثية بسبب نقص التمويل.

أعرب خبراء قانونيون ومحللون سياسيون عن قلقهم إزاء النهج الذي تتبعه إدارة ترامب في التعامل مع مؤسسات الصحة العامة.

وأشار ستيوارت باك، المدير التنفيذي لمشروع العلوم الجيدة، إلى أن هذه القرارات تبدو عشوائية وغير مرتبطة بأهداف تقليص العجز أو تقليل التنظيمات الحكومية، بل تركز على إحداث اضطراب واسع النطاق داخل المؤسسات العلمية.

يواجه البحث العلمي في الولايات المتحدة تحديات غير مسبوقة بسبب تجميد عمليات تمويل الأبحاث الطبية. وفي ظل استمرار هذه الأزمة، يخشى المجتمع العلمي من أن تؤدي هذه العرقلة إلى تداعيات طويلة الأمد على التقدم الطبي والصحي.

وبينما ينتظر العلماء إعادة جدولة اجتماعات اللجان الدراسية، يبقى مستقبل العديد من المشاريع البحثية معلقًا، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه السياسات إلى تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة في مجال البحث العلمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى