خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير السكان

منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن رؤيته بشأن غزة وتهجير حوالي مليوني فلسطيني، تواجه المنطقة أزمة إنسانية وسياسية غير مسبوقة. في هذا السياق، تعمل مصر على تطوير خطة شاملة لإعادة إعمار القطاع دون إجبار سكانه على المغادرة.
تأتي هذه الخطوة ضمن جهود مصرية وإقليمية لاحتواء الأزمة وضمان استقرار الأوضاع في القطاع الذي تعرض لدمار واسع بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
مناطق آمنة وإدارة فلسطينية محايدة
تتضمن الخطة المصرية إنشاء “مناطق آمنة” داخل غزة لإيواء الفلسطينيين مؤقتًا، ريثما تتم إعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الحرب.
وستتم إدارة هذه العملية من قبل شركات مصرية ودولية متخصصة في إعادة الإعمار وإزالة الأنقاض. كما يقترح المخطط المصري تشكيل إدارة فلسطينية غير منحازة لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية، بحيث تتولى مسؤولية الإشراف على القطاع خلال مرحلة الإعمار، مما يضمن عدم وقوع أي صراع داخلي يعطل جهود الترميم.
إعادة الإعمار على ثلاث مراحل رئيسية
تم تقسيم خطة إعادة الإعمار إلى ثلاث مراحل، تمتد لفترة تصل إلى خمس سنوات، مع التركيز على عدم تهجير السكان من القطاع.
تشمل المرحلة الأولى، التي تستغرق ستة أشهر، نقل الفلسطينيين إلى ثلاث “مناطق آمنة” مزودة بمنازل متنقلة وملاجئ مؤقتة، مع تدفق المساعدات الإنسانية لضمان استمرار الحياة في القطاع.
وفي المراحل اللاحقة، سيتم العمل على ترميم وإعادة بناء المساكن والبنية التحتية، مما سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل لسكان غزة.
تعزيز الأمن من خلال قوة شرطة فلسطينية مدعومة دوليًا
تطرح الخطة المصرية مقترحًا لتشكيل قوة شرطة فلسطينية جديدة، تتكون أساسًا من عناصر الشرطة السابقين التابعين للسلطة الفلسطينية، والذين ظلوا في غزة بعد سيطرة حماس على القطاع عام 2007. سيتم دعم هذه القوة من خلال برامج تدريبية مكثفة بالتعاون مع مصر ودول غربية لضمان استقرار الأوضاع الأمنية في غزة خلال عملية إعادة الإعمار.
هل يتم نشر قوة عربية في غزة؟
طرحت مصر، بالتنسيق مع دول عربية، إمكانية نشر قوة عربية لدعم الاستقرار في غزة، لكن هذه الخطوة تظل مشروطة بوجود “مسار واضح” نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
تجري مناقشات مكثفة بين مصر ودبلوماسيين من أوروبا والسعودية وقطر والإمارات حول إمكانية تنفيذ هذه الخطوة، بالإضافة إلى البحث في سبل تمويل إعادة الإعمار، بما في ذلك عقد مؤتمر دولي لجمع الدعم المالي للمشروع.
موقف الأطراف المعنية من الخطة المصرية
يواجه الاقتراح المصري تحديات سياسية كبيرة، حيث يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي دور لحماس أو السلطة الفلسطينية في حكم غزة، دون تقديم بديل واضح لإدارة القطاع.
من ناحية أخرى، أعلنت حماس استعدادها للتخلي عن السلطة في غزة، وأعربت عن قبولها لحكومة وحدة وطنية فلسطينية لا تشملها أو لجنة تكنوقراط تتولى إدارة الشؤون اليومية ،أما السلطة الفلسطينية فتعارض أي ترتيبات تتعلق بغزة تستثنيها من المعادلة السياسية.
تكاليف إعادة الإعمار والمخاطر المرتبطة بالخطة
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب الأخيرة على غزة تسببت في دمار هائل، حيث تم تدمير حوالي 250 ألف وحدة سكنية بالكامل، وتضررت أكثر من 90% من الطرق، إضافة إلى تدمير 80% من المنشآت الصحية.
تقدر تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية بنحو 30 مليار دولار، بينما تقدر تكلفة إعادة بناء المساكن بحوالي 16 مليار دولار.
ومع اقتراب انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في أوائل مارس، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام تنفيذ أي خطة لإعادة الإعمار، حيث تعتمد نجاحها على التوصل إلى اتفاق شامل بشأن من سيحكم غزة على المدى الطويل.
ستبحث مصر والسعودية وقطر والإمارات والأردن تفاصيل الاقتراح المصري خلال اجتماع في الرياض هذا الأسبوع، قبل تقديمه إلى القمة العربية المرتقبة لمناقشته بشكل أوسع على المستوى الإقليمي والدولي.