اقتصاد وتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل إيقاع القلب

في تطور طبي كبير، أثبتت دراسة حديثة نشرت في دورية “نيتشر ميديسن” أن الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل إيقاع القلب بدقة تفوق قدرات البشر، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال التشخيص الطبي. الدراسة، التي شملت أكثر من 14,000 مريض، أظهرت أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تقلل من الأخطاء الطبية وتحسن دقة تشخيص اضطرابات القلب، وهو ما قد يغير مستقبل رعاية مرضى القلب بشكل جذري.

تحديات تحليل إيقاع القلب التقليدي

يعد تخطيط كهربية القلب (ECG) أداة تشخيصية رئيسية في الكشف عن اضطرابات القلب، إلا أن تحليل تسجيلات تمتد لأيام أو أسابيع يمثل تحديًا كبيرًا للمتخصصين في المجال الطبي.

ينبض قلب الإنسان حوالي 120 ألف مرة يوميًا، مما يجعل مراجعة البيانات يدويًا عملية شاقة تتطلب وقتًا طويلاً، وقد تؤدي إلى أخطاء في التشخيص، خصوصًا في الحالات التي يكون فيها عدم انتظام ضربات القلب غير واضح أو متقطع.

  مقارنة بين البشر والذكاء الاصطناعي

شملت الدراسة تحليل تسجيلات إيقاع القلب لـ 14,606 مرضى استخدموا أجهزة تخطيط كهربية القلب لمدة 14 يومًا في المتوسط. في البداية، قام الفنيون المتخصصون بتحليل البيانات باستخدام الطرق التقليدية، ثم تم إعادة فحصها باستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي متقدمة تدعى “ديب ريذم إيه.آي”، طورتها شركة ميديكال لوجريذميكس البولندية.

وأظهرت النتائج أن الفنيين البشريين فشلوا في اكتشاف حالات عدم انتظام ضربات القلب الحادة في 4.4% من المرضى، في حين انخفضت نسبة الخطأ هذه إلى 0.3% فقط عند استخدام الذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى ذلك، تمكنت الخوارزمية من استبعاد الحالات غير الحرجة بدقة بلغت 99.9%، مما يجعلها أداة قوية في تحسين دقة التشخيص الطبي.

رأي الخبراء: الذكاء الاصطناعي كحل لنقص المتخصصين

علّقت ليندا جونسون، كبيرة الباحثين في جامعة لوند في السويد، على أهمية هذا التطور قائلة إن “نقص المتخصصين في تحليل تخطيط كهربية القلب أثناء المشي يشكل تحديًا كبيرًا لأنظمة الرعاية الصحية العالمية”.

وأكدت أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية قد يساعد في التغلب على هذه المشكلة، مما يضمن توفير رعاية صحية أكثر كفاءة ودقة للمرضى.

وأضافت جونسون أن زيادة مدة تسجيلات رسم القلب قد تكون مفيدة في اكتشاف حالات عدم انتظام ضربات القلب، لكنها تتطلب موارد إضافية ووقتًا أطول للتحليل، وهو ما يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل معه بسهولة ودقة تفوق القدرات البشرية.

 مستقبل الذكاء الاصطناعي في الطب

مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتوقع الخبراء أن تصبح هذه الأدوات جزءًا أساسيًا من التشخيص الطبي في المستقبل القريب.

فإلى جانب تحليل إيقاع القلب، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تشخيص العديد من الحالات الطبية الأخرى، مثل أمراض الدماغ، والأورام، والأمراض التنكسية، مما قد يُحدث ثورة في مجال الرعاية الصحية.

في النهاية، تؤكد هذه الدراسة أن الدمج بين التكنولوجيا الحديثة والخبرة الطبية يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة التشخيص والعلاج، مما يعزز فرص المرضى في الحصول على رعاية أكثر دقة وفعالية.

ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يبدو أن مستقبل الطب يتجه نحو تشخيص أسرع، وأخطاء أقل، وتحسين مستمر في جودة الرعاية الصحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى