تقارير

لماذا ترفض مصر والأردن خطة نقل الفلسطينيين من غزة؟

يستمر الجدل حول المقترح الأميركي لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة، حيث أعلنت كل من مصر والأردن رفضهما القاطع لهذا المخطط.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اقترح مؤخراً أن تتولى الولايات المتحدة إدارة قطاع غزة بعد انسحاب إسرائيل، وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، لكن جزءاً من خطته يتضمن نقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى دول أخرى، منها مصر والأردن، وهو ما قوبل بمعارضة شديدة من الطرفين. ترامب هدد بوقف المساعدات عن الدولتين في حال لم توافقا على خطته، إلا أن الموقف المصري والأردني ظل ثابتاً على رفض أي عمليات نزوح جماعي.

خلال لقائه مع الملك الأردني عبد الله الثاني في البيت الأبيض، أكد العاهل الأردني أنه يقبل استقبال ألفي طفل فلسطيني يعانون من أمراض خطيرة للعلاج، لكنه شدد على موقف الأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين.

في منشور له على منصة “إكس”، أعاد الملك التأكيد على أن هذا الموقف هو موقف عربي موحد، مما يعكس رفضاً إقليمياً واسعاً لأي خطة لنقل الفلسطينيين من أراضيهم.

أما مصر، فقد عبرت عن موقفها الرافض منذ بداية الحرب الأخيرة بين حماس وإسرائيل، إذ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً أن هذا الأمر سيكون له عواقب أمنية خطيرة على بلاده.

السيناريو المحتمل في حال تم تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، هو انتقال العناصر المسلحة معهم، مما قد يؤدي إلى اندلاع مواجهات مستقبلية داخل الأراضي المصرية، ويهدد استقرار المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أي تغيير ديموغرافي بهذا الشكل قد يضع اتفاقية كامب ديفيد، التي تمثل حجر الأساس للاستقرار الإقليمي، في خطر.

موقف مصر والأردن يعكس أيضاً رؤية أوسع بشأن حل القضية الفلسطينية، حيث يشددان على ضرورة تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أراضيه.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد خلال لقائه بنظيره الأميركي مارك روبيو في واشنطن، أن الحل يكمن في إقامة دولة فلسطينية على كامل أراضيها، وليس في تهجير سكان غزة.

الموقف ذاته تبنّاه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي شدد على أن “حل القضية الفلسطينية يجب أن يكون داخل فلسطين”، مؤكداً أن “الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين”.

التاريخ يوضح سبب الحذر الأردني من أي موجة لجوء فلسطينية جديدة، فبعد حرب عام 1967، فرّ 300 ألف فلسطيني معظمهم إلى الأردن، كما تستضيف المملكة اليوم أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني يحمل العديد منهم الجنسية الأردنية. الأعباء الاقتصادية التي يواجهها الأردن حالياً تجعل من الصعب استيعاب مزيد من اللاجئين، إضافة إلى التخوف من أن يؤدي هذا إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.

على الرغم من الضغوط الأميركية المحتملة، فإن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن لواشنطن استخدام المساعدات العسكرية كوسيلة ضغط لإجبار مصر والأردن على قبول اللاجئين.

فالدولتان تُعتبران شريكين رئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة، واستقرارهما يُنظر إليه على أنه أمر بالغ الأهمية لاستقرار الشرق الأوسط بأكمله.

مع ذلك، فإن القاهرة وعمّان تدركان أن أي تنازل في هذا الملف قد يؤدي إلى تداعيات طويلة الأمد تتجاوز الأبعاد السياسية والاقتصادية، وتمس الأمن القومي لكل منهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى