تقارير

العقبات الأمريكية تهدد اتفاق بريطانيا وموريشيوس بشأن أرخبيل تشاغوس

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت المملكة المتحدة وموريشيوس عن اتفاق تاريخي يقضي بنقل السيادة على أرخبيل تشاغوس، بما في ذلك جزيرة دييغو غارسيا، إلى موريشيوس، منهيةً بذلك عقودًا من السيطرة البريطانية التي استمرت 59 عامًا.

يمثل الأرخبيل موقعًا استراتيجيًا في المحيط الهندي ويحتضن قاعدة عسكرية بريطانية-أمريكية ذات أهمية كبيرة.

ومع ذلك، فإن تنفيذ هذا الاتفاق يواجه عقبات كبيرة، أبرزها المخاوف الأمريكية من التأثيرات الأمنية المحتملة نتيجة هذا الانتقال، مما قد يؤدي إلى إرجاء الاتفاق أو إلغائه.

أبرز المخاوف الأمريكية تتعلق بتعزيز موريشيوس لعلاقاتها مع إيران، وهو ما ترى واشنطن أنه قد يهدد أمن قاعدة دييغو غارسيا.

وذكرت تقارير إعلامية أن موريشيوس فتحت محادثات مع إيران لاستضافة فروع للجامعات الإيرانية، والتي يخشى الخبراء الأمنيون استخدامها كواجهة للتجسس على الجيش الأمريكي.

واتهمت إيران سابقًا باستخدام برامج التبادل الأكاديمي لنشر جواسيس في دول مثل ألمانيا والولايات المتحدة، مما يعزز القلق الأمريكي بشأن التبعات الأمنية لأي وجود إيراني في المنطقة.

 تصعيد الموقف الأمريكي ضد الاتفاق

يشهد البيت الأبيض نقاشات ساخنة حول رفض هذا الاتفاق، مع توجيه دعوات من كبار الجمهوريين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتصدي له.

وصرّح السيناتور الأمريكي جون كينيدي بأن تسليم أرخبيل تشاغوس إلى موريشيوس يهدد الأمن القومي لكل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وأضاف أن علاقات موريشيوس الوثيقة مع الصين وإيران تثير القلق بشأن قدرتها على حماية القاعدة العسكرية من التجسس.

انتقادات لحكومة المملكة المتحدة

أثار الاتفاق انتقادات داخلية في بريطانيا، حيث حذر مسؤولون من أن التنازل عن جزر تشاغوس سيضعف العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. وأشار رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون إلى أن منح السيطرة على الجزر لموريشيوس سيقلل من أوراق المساومة البريطانية مع واشنطن.

وبالإضافة إلى ذلك، أعربت الاستخبارات البريطانية عن مخاوف من أن العلاقات المتزايدة بين موريشيوس وإيران قد تؤدي إلى استخدام الأرخبيل كنقطة انطلاق لأنشطة تجسسية.

رفض محتمل وأبعاده الجيوسياسية

بحسب تقارير إعلامية، فإن هناك توقعات واسعة بأن الرئيس ترامب سيعترض على الاتفاق في الأيام المقبلة، بناءً على نصائح فريقه الأمني والسياسي. ويعتبر هذا الرفض، في حال حدوثه، ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي كانت تسعى لتسوية هذه القضية بما يتماشى مع قرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت بتسليم الجزر إلى موريشيوس.

ويُرجح أن يؤدي هذا التطور إلى تعميق التوترات بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين، بالإضافة إلى تعزيز النفوذ الإيراني والصيني في المحيط الهندي.

 الأرخبيل بين الاعتبارات القانونية والاستراتيجية

يُعد أرخبيل تشاغوس نقطة استراتيجية مهمة للحفاظ على توازن القوى في المحيط الهندي، حيث استخدمته بريطانيا والولايات المتحدة منذ الحرب الباردة لتعزيز قدراتهما العسكرية والاستخباراتية.

ومع ذلك، تواجه المملكة المتحدة ضغوطًا قانونية لتنفيذ قرارات المحكمة الدولية، مما يضعها أمام تحديات الموازنة بين التزاماتها الدولية ومصالحها الاستراتيجية.

تعكس هذه الأزمة التحديات الجيوسياسية المتصاعدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تتنافس القوى الكبرى على النفوذ.

وفي الوقت الذي تحاول فيه واشنطن ولندن الحفاظ على وجودهما الاستراتيجي، تُظهر الصين وإيران اهتمامًا متزايدًا بتعزيز علاقاتهما مع الدول الصغيرة في المنطقة، ما يعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويثير تساؤلات حول مستقبل الأمن العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى