أخبار دولية

تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا: اعتقالات ومصير غامض للمؤثرين الجزائريين

شهدت فرنسا خلال الأسابيع الأخيرة حملة اعتقالات استهدفت مجموعة من المؤثرين الجزائريين المقيمين على أراضيها.

من أبرز هؤلاء المؤثرين، شخص يُعرف باسم “زازو يوسف”، الذي أطلق تصريحات تحريضية عبر منصة “تيك توك” دعا فيها الجيش الجزائري لقمع الاحتجاجات في البلاد. تم توقيفه بعد تقديم شكوى من أحد الناشطين الجزائريين في فرنسا.

وفي أعقاب توقيفه، طالت الاعتقالات مؤثرين آخرين، من بينهم “بوعلام” في مونبلييه و”عماد تانتان” في ضواحي غرونوبل، بالإضافة إلى مؤثرة فرنسية-جزائرية تم اتهامها بنشر مقاطع فيديو تحرض على الكراهية.

 تحليل الخطاب التحريضي واتهامات بالجهل بالقوانين

أثارت تصريحات هؤلاء المؤثرين الجدل بسبب حدة الخطاب الذي استُخدم في مقاطع الفيديو المنشورة. واعتبر المحلل الفرنسي فرانسواز جيري أن الخطاب يحمل شحنة عنف تعود بجذورها إلى العشرية السوداء في الجزائر، مؤكدًا أن بعض الشباب الجزائريين، خصوصًا ذوي المستويات التعليمية المتدنية، يرون في هذه الخطابات وسيلة لجذب المتابعين دون إدراك عواقب أفعالهم قانونيًا وسياسيًا.

على الجانب الآخر، وصف المحلل الجزائري توفيق بوقعدة هذه الخطابات بأنها “اندفاع عاطفي” يهدف لجذب الانتباه وزيادة عدد المشاهدات، مشيرًا إلى أن بعض المؤثرين استغلوا دعوات الاحتجاج للتقرب من السلطات الجزائرية أو للحصول على وثائق إقامة في فرنسا.

تصعيد التوتر بين الجزائر وفرنسا

تأتي هذه الأحداث في سياق توتر دبلوماسي متزايد بين الجزائر وفرنسا، حيث اتهمت الجزائر فرنسا بـ”التصرفات العدائية”، بينما دعت وسائل إعلام فرنسية قريبة من اليمين إلى تشديد العقوبات على المتورطين في نشر الخطابات العنيفة.

وفي حادثة لافتة، اعتقلت فرنسا مؤثرًا يُعرف باسم “بوعلام” وقامت بترحيله إلى الجزائر، إلا أن السلطات الجزائرية رفضت استقباله وأعادته إلى فرنسا على متن الطائرة ذاتها، ما يعكس تصعيدًا غير مسبوق في العلاقات بين البلدين.

تعيش الجالية الجزائرية في فرنسا حالة من القلق بسبب هذه التطورات، خصوصًا مع تزايد الانتقادات الإعلامية الموجهة ضدهم. ويخشى العديد منهم من التضييق على حقوقهم أو استخدام هذه الحوادث كذريعة لمراجعة اتفاقيات الهجرة بين البلدين.

المحلل الفرنسي فرانسواز جيري استغرب من تناقض سلوك هؤلاء المؤثرين الذين يسعون للاستقرار في فرنسا، بينما يدافعون عن السلطات الجزائرية عبر خطاب عنيف قد يهدد فرصهم في الحصول على الإقامة أو الجنسية.

 اتفاقيات الهجرة بين الجزائر وفرنسا تحت المجهر

تجددت الدعوات في فرنسا لمراجعة أو إلغاء اتفاقية الهجرة الموقعة عام 1968، التي تمنح الجزائريين تسهيلات خاصة في السفر والإقامة.

وصرح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بأن الاتفاقية “عفا عليها الزمن”، مطالبًا بإعادة النظر فيها، بينما أبدى وزير الخارجية جان نويل بارو تحفظه على الفكرة، معتبرًا أن العلاقات مع الجزائر تتطلب توازنًا دبلوماسيًا يحفظ مصالح البلدين.

من جهة أخرى، حذر خبراء جزائريون من أن إلغاء الاتفاقية قد يؤدي إلى تدفق الهجرة غير الشرعية إلى فرنسا ويزيد التوترات بين الجانبين.

 الأحكام المرتقبة وقلق حول التشدد الفرنسي

يواجه المؤثرون الجزائريون المعتقلون في فرنسا أحكامًا قد تكون قاسية. أبرزهم “زازو يوسف”، الذي ينتظر محاكمته في فبراير المقبل ويواجه عقوبة تصل إلى 7 سنوات سجن وغرامة 100 ألف يورو. كذلك، “عماد تانتان”، الذي رُفض طلبه للإقامة، مهدد بالترحيل إلى الجزائر رغم زواجه من فرنسية.

ويرى محللون أن هذه الأحكام قد تُستغل لتوجيه رسائل سياسية وسط التصعيد بين الجزائر وفرنسا، مع دعوات من بعض الأطراف الفرنسية للتريث في إصدار الأحكام على شباب “لا يفقهون تبعات تصرفاتهم”، على حد وصفهم.

التبادل الاقتصادي بين البلدين عامل تهدئة محتمل

رغم التوترات السياسية، تبقى المصالح الاقتصادية عاملًا رئيسيًا في ضبط العلاقة بين البلدين.

سجل التبادل التجاري بين الجزائر وفرنسا زيادة بنسبة 5.3% في عام 2023، ليصل إلى 11.8 مليار يورو. ويرى المحلل الجزائري عبد الرحمن بن شريط أن هذا التبادل يجعل من الصعب على فرنسا التصعيد بشكل أكبر أو إلغاء اتفاقيات الهجرة دون حساب العواقب الاقتصادية.

تعيش العلاقات الجزائرية-الفرنسية حالة من التذبذب وسط تزايد الأزمات الدبلوماسية. بينما تحاول فرنسا معالجة هذه القضايا داخليًا عبر تصريحات متباينة بين وزرائها، تبدو الجزائر ملتزمة بموقفها الصارم تجاه ما تعتبره “تدخلات فرنسية”. يبقى مستقبل هذه العلاقة معلقًا بين المصالح الاقتصادية المشتركة والملفات السياسية الحساسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى