زيارات الشيباني المكثفة: ماذا تريد دمشق من العرب؟
تسعى الإدارة السورية الجديدة بقيادة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى تعزيز العلاقات مع الدول العربية واستعادة دور سوريا في الحاضنة الإقليمية، بعد أكثر من عقد من العزلة بسبب الصراع الداخلي والنفوذ الأجنبي. جاءت هذه التحركات في سياق محاولات لإعادة بناء الثقة وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
العودة إلى الحاضنة العربية
تشير تحركات وزير الخارجية السوري، الذي اختار السعودية كأول محطة خارجية، إلى رغبة الإدارة السورية الجديدة في الانضمام مجددًا إلى العمق العربي. هذه الزيارات تمثل خطوات مدروسة لتجاوز التأثيرات الدولية، وتعزيز التوازن في العلاقات الإقليمية.
ويرى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن الدول العربية يجب أن تدفع دمشق نحو توازن أكبر لتجنب هيمنة القوى الإقليمية، مثل تركيا وإيران.
زيارات لتعزيز التعاون الثنائي
أعلن الشيباني عزمه زيارة قطر والإمارات والأردن، بهدف بحث ملفات التعاون الاقتصادي والأمني، وبناء شراكات قوية تعزز الاستقرار والتنمية.
تأتي هذه التحركات بعد قطيعة دبلوماسية استمرت منذ عام 2012، حين أغلقت السعودية ودول خليجية أخرى سفاراتها في دمشق بسبب القمع العنيف للاحتجاجات الشعبية.
الأبعاد الاقتصادية والتعاون الأمني
تتطلع الإدارة السورية الجديدة إلى جذب استثمارات من الدول الخليجية لدعم إعادة الإعمار وتحسين الاقتصاد الذي تضرر بشدة بسبب الحرب.
كما تسعى لتكثيف التعاون الأمني لمكافحة تجارة المخدرات، مثل الكبتاغون، التي تؤثر على دول الجوار، وخاصة الأردن. أكد عبدالرحمن أن هذه القضايا ستكون محور النقاش في لقاءات الشيباني مع نظرائه العرب.
رسائل طمأنة للمجتمع الدولي
تحاول الإدارة السورية الجديدة طمأنة المجتمع الدولي والدول العربية بأنها ستتبنى حكومة شاملة تضم كافة المكونات السورية.
ووفقًا للمحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة، فإن دمشق تسعى الآن لتجاوز الأخطاء السابقة، والعودة إلى موقعها الطبيعي كجزء من النظام العربي الإقليمي، مما قد يدعم علاقاتها مع المجتمع الدولي.
السعودية ودورها في مستقبل سوريا
لعبت السعودية دورًا محوريًا في دعم المعارضة السورية في بداية الحرب، لكنها أعادت تطبيع العلاقات مع دمشق عام 2023، بهدف الحد من النفوذ الإيراني ووقف تدفق المخدرات.
زيارة الشيباني للسعودية ولقائه مع وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، جاءت في هذا الإطار، لتفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
رغم الجهود المبذولة، لا يزال هناك تباين في مواقف الدول العربية تجاه الإدارة السورية الجديدة. بعض الدول تفضل التحرك التدريجي، بينما تسعى السعودية لتسريع وتيرة التعاون.
يعكس هذا التباين حالة الترقب والانتظار لرؤية مدى التزام دمشق بتعهداتها ومدى قدرتها على تمثيل كافة السوريين، بعيدًا عن النفوذ الأجنبية.
تسير سوريا بخطوات حثيثة نحو استعادة مكانتها في العالم العربي، إلا أن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرتها على بناء الثقة مع الدول العربية، وإثبات جديتها في تحقيق الاستقرار والابتعاد عن تأثير القوى الإقليمية والدولية.