أخبار دولية

أوكرانيا تشتعل وسلام ترامب يحترق مع النيران

كتبت: سارة محمود

قال سلاح الجو الأوكراني إن روسيا أطلقت خلال ليل الأحد الماضي أكثر من 805 طائرات مسيرة و13 صاروخا، اعترضت الدفاعات الأوكرانية غالبيتها، لكن الضربات أوقعت 5 قتلى وأكثر من 20 جريحا، بينهم امرأة وطفلها في كييف.

 

وطال القصف الروسي مبنى الحكومة الأوكرانية في وسط العاصمة كييف للمرة الأولى منذ فبراير 2022، ما تسبب في اندلاع حريق واسع في الطوابق العليا.

 

وأكدت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدنكو أن “سطح مقر الحكومة وطوابقه العلوية تضررت”، فيما وصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي الهجوم بأنه “جريمة متعمدة” ومحاولة لإطالة أمد الحرب، داعياً إلى تشديد العقوبات وتزويد بلاده بمزيد من الأسلحة.

 

وعقب الهجوم، شوهدت النيران مندلعة على سطح المبنى الضخم الذي يضم مقر الحكومة، والدخان يتصاعد منه، فيما حلّقت المروحيات فوق المبنى الواقع في قلب كييف قرب مقري الرئاسة والبرلمان، ملقية المياه على السطح، بينما هرعت أجهزة الطوارئ إلى الموقع وضربت الشرطة طوقاً أمنياً حوله.

 

وفي حوار خاص لموقع “داي نيوز” الإخباري مع الدكتور عمار سيغة “باحث في الشؤون الأمنية و الاستراتيجية” أوضح أن الهجوم الروسي الأخير هو رسالة تصعيد وليس مجرد هجوم فقط ولا يمكن اعتباره رسالة لعملية عسكرية عابرة، بل يحمل رسائل مزدوجة سياسية وعسكرية بالنسبة لأوكرانيا والغرب، فهدف روسيا من خلال الهجوم الذي أظهر على أنها لا تزال قادرة على توجيه الضربات وبشكل عميق، خاصة أن حديث عن انتهاء قدرتها على التصعيد هو وهم بالنسبة للمجموعة الأوروبية المتفندقة مع كييف، كما أن هذا الهجوم ربما يهدف من ناحية نفسية تقويض المعلومات لأوكرانيا وحتى إن كان هناك اظهار لأن الدفاعات الجوية الغربية ليست فعالة بالشكل المطلوب منها.

 

وأضاف أنه بالنسبة للصعيد الدبلوماسي فإن توقيت الهجوم جاء بدقة شديدة، فهو جاء قبل لقاءات محتملة بين ترامب والقادة الأوروبيين من جهة، وقبل أي جولة جديدة من المفاوضات، فهذا نوع من الإحباط المعنوي الهدف منه هو رفع سقف المطالب الروسية على طاولة التفاوض وإضعاف موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يسعى لإبرام صفقة بشكل سريع.

 

وبالنسبة للقاء ترامب والقادة الأوروبيين فقد وضح الباحث أنها تحمل صبغة مصالح متبينة ولكن هناك تحديات كبيرة، فلقاء ترامب مع القادة الأوروبيين سيكون من زاوية مختلفة

أما الحديث عن مساعي أو طموحات ترامب إلى نيل جائزة نوبل للسلام فإن قضية الحرب هذه أكبر من طموحاته الشخصية، فبالنسبة لترامب الذي يرى أن إعادة تموضع الولايات المتحدة الأمريكية بعيداً عن صراعات لا نهاية لها ولعل المأزق الأوكراني هو أخر دليل على تورط الولايات المتحدة الأمريكية، فالجهود الآن مركزة للتحدي على الجبهة الأخرى وهي التحدي الصيني الذي شأنه أن يقوض قوة الضغط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.

 

وأوضح الباحث أن من الظاهر قلق الأوروبيون من أي صفقة سريعة قد ربما يمضيها ترامب وأنها قد تضر بأمن أوروبا على المدى الطويل، خاصة أن ذلك من شأنه أن يضعف أوكرانيا، فهم يفضلون الحل الشامل الذي يضمن سيادة أوكرانيا على كل أراضيها خاصة منها التي تقدمت عليها القوات الروسية ويعيدها بصفة كبيرة حتى وإن إستغرق ذلك وقتاً طويلاً.

 

وقال سيغة: “من وجهة نظرنا، لن أتوقع اتفاقاً سهلاً فإن التحدي هو التوافق بين رغبات وميولات وكذلك دوافع الرئيس ترامب في الخروج من الصراع، ومن جهة أخرى حاجة أوروبا إلى الأمن الدائم وهذا أحد هواجس الولايات المتحدة الأمريكية”.

 

وبالنسبة لفرض المزيد من العقوبات على روسيا، قال الباحث: “نعتقد أنها ورقة ضغط بالنسبة للرئيس الأمريكي أو الولايات المتحدة الأمريكية، فالعقوبات بالنسبة لها تصرف تقليدي عكفت عليه الولايات المتحدة الأمريكية في فرض أجنداتها من خلال ورقة ضغط، مثل ما وقع في العراق بعد افتلال الكويت، وما وقع لإيران حين المشروع النووي الإيراني، ربما هذا جزء من تكتيف التفاوض أو العقيدة الأمريكية التفاوضية”.

 

وأشار الباحث إلى أن الهجوم الروسي الأخير قد يكون دفع ترامب فعلاً لتغيير عدة مواقف من هذا الضغط السياسي الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة من قبل الجمهوريين الذين يؤيدون أوكرانيا فهذا يمكن أن يجبر ترامب على اتخاذ مواقف أكثر تشدد، العقوبات قد تصبح حقيقية إذا لم تظهر روسيا مورونة في الأيام المقبلة.

 

وعند سؤال الباحث عن ما إذا كان هذا الهجوم له علاقة بإعلان الرئيس الفرنسي ماكرون وإلتزام 26 دولة قوات لأمن أوكرانيا؟ فكانت إجابته:  فربما أن هذا الإعلان الذي قام به الرئيس ماكرون قد زاد من تعقيدات المشهد بالنسبة للهجوم الروسي الأخير، ويمكن فهمه على أنه رد مباشر على إعلان ماكرون هذا، فربما كانت وجهة نظر ماكرون أنها خطوة استباقية محاولة منه لمنع روسيا من شن هجمات متجددة وكبيرة وواسعة على أوكرانيا وكذلك محاولة إرسال رسالة ردع قوية لموسكو، وربما أدى هذا إلى ردة الفعل الروسية من جهة أخرى جيوستراتيجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى