فرصة تاريخية لأنقرة: ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وسوريا
أعلنت تركيا عن نيتها الدخول في مفاوضات مع سوريا لترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، وفقًا لتصريحات وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو.
وأكد الوزير أن أي اتفاق مستقبلي بشأن استكشاف الطاقة بين البلدين سيكون متوافقًا مع القانون الدولي. ومع ذلك، فإن هذا الإعلان أثار موجة من التساؤلات والاعتراضات، خاصة من جانب اليونان التي رفضت هذا الطرح بشدة، مشيرة إلى تجربة مشابهة بين تركيا وليبيا في عام 2019، والتي أثارت حينها توترات واسعة النطاق.
العقبات القانونية والتحديات الدولية
يشير المحلل السياسي سركيس قصارجيان إلى أن هناك عائقًا قانونيًا رئيسيًا أمام أي اتفاق مرتقب بين تركيا وسوريا، يتمثل في رفض تركيا التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي تعتبر المرجعية الأساسية لترسيم الحدود البحرية. ويضيف أن الوضع السوري يتشابه مع الوضع الليبي في بعض الجوانب، حيث تعتمد تركيا على وجود حكومة حليفة لها.
ومع ذلك، فإن الحكومة الحالية في دمشق لا تحظى بالشرعية الدولية الكافية لعقد اتفاقيات دولية من هذا النوع، مما يضع الاتفاق المحتمل في دائرة الشكوك القانونية.
الأبعاد الاقتصادية والاستراتيجية
تسعى تركيا، من خلال هذا المقترح، إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في البحر المتوسط.
ويوضح المحلل السياسي التركي موسى أوزوغورلو أن سوريا تمثل هدفًا استراتيجيًا لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، مشيرًا إلى أن الظروف الراهنة تُعد فرصة تاريخية لأنقرة لتثبيت حضورها وتعزيز مصالحها الاقتصادية.
وتتطلع تركيا إلى توقيع اتفاقيات سريعة قبل استقرار الأوضاع السياسية في سوريا، التي قد تؤدي إلى ظهور برلمان أو جهات حكومية سيادية قد تعترض على هذه الاتفاقيات.
التداعيات الإقليمية والدولية
تأتي هذه الخطوة التركية في ظل تصاعد التوترات بشأن استكشاف الطاقة في البحر المتوسط.
وكانت تجربة تركيا مع ليبيا في عام 2019 قد أدت إلى تصعيد التوترات مع اليونان والاتحاد الأوروبي. واليوم، يبدو أن تركيا تسعى لتكرار هذه التجربة مع سوريا، مما يثير مخاوف من تأثيرات مماثلة على العلاقات الإقليمية والدولية.
يشكل إعلان تركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية مع سوريا خطوة مثيرة للجدل تحمل في طياتها مصالح اقتصادية واستراتيجية واضحة، لكنها تواجه عقبات قانونية وسياسية كبيرة.
وبينما تسعى أنقرة لتعزيز موقعها في المنطقة، يبقى السؤال حول مدى قدرتها على تحقيق هذا الهدف في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية المحيطة.