تقارير

«ترامب» يعيد تشكيل السياسة الأمريكية..بداية عصر جديد

شهدت السياسة الأمريكية تحوّلًا كبيرًا مع صعود دونالد ترامب، الذي أعاد تشكيل الحزب الجمهوري ودفع نحو عصر جديد من الشعبوية المحافظة.

خاض دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتخب، 3 انتخابات رئاسية، تبدو وكأنها بداية لعصر جديد من السياسة تحددها الشعبوية المحافظة.

كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2012 هي الأخيرة في نمط مألوف من السياسة الأمريكية حيث بدت وكأنها نهاية لعصر، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. ولكن مع فوز «ترامب» بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات 2016، لم تعد السياسة الأمريكية كما كانت، حيث يتصادم حزبه مع الحزب الديمقراطي حول قضايا كانت ضمن مجالات الإجماع.

قبل «ترامب»، كان هناك الكثير في السياسة الأمريكية مما يمكن اعتباره مسلمات، وبدا معنى الحزبين واضحًا فمثل الجمهوريون المحافظة المالية للحكومة الصغيرة، واليمين الديني وصقور السياسة الخارجية، ومثل الديمقراطيون الطبقة العاملة والتغيير وقضايا الناشطين الليبراليين.

كل أربع سنوات، كان الحزبان يتجادلان حول نفس القضايا، فأعادا صياغة الحجج حول الحرب والدبلوماسية والإنفاق وخفض الضرائب والقيم الأسرية والحركات الاجتماعية في الستينيات.

بحسب المصدر نفسه، فقد تغير كل هذا عندما دخل «ترامب» حلبة السياسة، وفي بعض القضايا يبدو الأمر وكأن الحزبين قد تبادلا المواقع حيث يدافع «ترامب» الجمهوري عن الطبقة العاملة، ويهاجم النخب، ويسعى جاهدًا لحماية الوظائف الأمريكية وينتقد السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية. في حين يدافع الديمقراطيون عن المؤسسة والمعايير والإجماع القديم في السياسة الخارجية.

فجأة، أصبحت مجالات الإجماع الحزبي الراسخة محل نزاع شرس فأصبحت الهجرة والتجارة الحرة وتحالفات أمريكا ودعمها للديمقراطية صراعات حاسمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال عهد «ترامب».

يبدو أن الحزبين قد توصلا إلى هدنة بشأن معاركهما المريرة في عهد جورج بوش وباراك أوباما، الرئيسين السابقين، مثل حرب العراق، والضمان الاجتماعي.

الآن، أصبحت العديد من مؤسسات الحزب الجمهوري القديمة بلا مأوى في حين يجد العديد من أنصار «أوباما» السابقين، مثل روبرت كينيدي جونيور وإيلون ماسك، أنفسهم أقرب لـ«ترامب».

أدى هذا الصراع الحزبي الجديد إلى تحالفات انتخابية مختلفة للغاية ففي 2016، حقق «ترامب» مكاسب هائلة بين الناخبين البيض الذين لا يحملون شهادة جامعية.

منذ ذلك الحين، حقق مكاسب أكبر بين الناخبين الشباب والسود واللاتينيين والآسيويين رغم أنه يمثل كل ما يعتقد الديمقراطيون أن هذه المجموعات تعارضه.

بعد 3 انتخابات رئاسية لـ«ترامب»، أصبحت الفجوة الحزبية بين الناخبين البيض وغير البيض الآن أصغر من أي وقت مضى منذ سن قانون الحقوق المدنية لعام 1964 حيث انخفضت الفجوة الحزبية بين الأجيال بمقدار الثلثين. ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو اختفاء الانقسام الطبقي القديم بين الأغنياء، والفقراء، ورأس المال، والعمالة.

وجدت استطلاعات الرأي أن «ترامب» يخسر الناخبين الذين يكسبون أكثر من 100 ألف دولار في السنة، بينما يفوز بين الناخبين الذين يكسبون أقل بما في ذلك الأشخاص الذين يكسبون أقل من 50 ألف دولار.

بدلًا من الصراع الطبقي القديم، أصبح هناك انقسام تعليمي، فقبل «ترامب» كان الناس يصوتون بنفس الطريقة تقريبًا مع أو بدون شهادة جامعية، لكن الفجوة حاليًا أصبحت بين الناخبين الذين ليس لديهم شهادة جامعية وخريجي الجامعات.

اعتبار كل هذا على أنه «إعادة تنظيم» يعتمد على كيفية تعريف المصطلح، فعادة ما تعني «إعادة التنظيم» حصول أحد الحزبين على ميزة سياسية كبيرة لعقود من الزمن. وهو ما لم يتحقق لأن الجمهوريين يتمتعون بالكاد بأي ميزة ذات مغزى وحتى لو كان لديهم، فليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت ستستمر لمدة 4 سنوات.

مع ذلك، فإن فوز «ترامب» له سمتان من سمات إعادة التنظيم الأولى تغيير الصراع السياسي الأساسي بين الحزبين، والثانية التغييرات في الائتلافين وهذه التغييرات ليست طفيفة ولا ترجع فقط إلى قوة «ترامب». لكن مثل عمليات إعادة التنظيم السابقة، فإن هذا يشكل جزءًا من تغيير سياسي أوسع نطاقًا يحدث في مختلف الديمقراطيات الغربية، حيث يتم تغيير بقايا النظام السياسي الصناعي القديم بشيء مختلف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى