«ترامب» يعود إلى «واشنطن» مرة أخرى: ماذا يحمل للولاية الثانية؟
عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة للمرة الثانية بعد فوزه الكبير بالتصويت الشعبي والانتخابي، مما منحه دعمًا قويًا مقارنة بانتخابه الأول.
بعد الاحتفالات الموسمية التي ستحتفل بها العائلة، سيكون أمام الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة وقت ضيق للغاية لترتيب حياته الجديدة مع دخول فترة حكمه الثانية التي ستستمر لأربع سنوات قادمة.
تقتضي التقاليد الأمريكية، بانه يجب أن تكون هناك مرحلة انتقالية بين الرئيس المغادر والرئيس الجديد، وهي الفترة التي عادة ما يتم خلالها تجهيز البيت الأبيض للوافدين الجدد، بينما يُمنح الرئيس المنتهية ولايته الفرصة لترتيب حياته بعد فترة رئاسية طويلة.
يبدو أن «ترامب» ليس بحاجة إلى الوقت الطويل للتأقلم مع هذه المرحلة، حيث سبق له أن خاض تجربة البيت الأبيض بشكل تام خلال ولايته الأولى، ولكنه سيكون أمام تحديات جديدة ستختلف عما كان عليه الحال قبل أربع سنوات.
على عكس فوزه الأول، الذي كان محاطًا بالعديد من التساؤلات حول شرعيته السياسية؛ بسبب الفارق الضئيل في التصويت الشعبي، يعود «ترامب» هذه المرة إلى البيت الأبيض وهو فائز بوضوح في التصويتين الشعبي والانتخابي. هذا الفوز الكبير يضعه في موقف أقوى بكثير من المرة السابقة.
الانتصار الذي تحقق بأغلبية مريحة يجعل من موقفه معنويًّا وشعبيًّا في وضع أفضل، ومن المرجح أن يقابل «ترامب» «واشنطن» هذه المرة بشكل مختلف تمامًا عن المرة السابقة، حيث كان يشعر في ولايته الأولى بأنه محاط بعدم التقدير من قبل العديد من الشخصيات والمؤسسات الفيدرالية في العاصمة.
قدم «ترامب» خلال حملته الانتخابية، أجندة واضحة، تركز على القضايا الاقتصادية، من بينها تخفيض الضرائب، وتعزيز أمن الحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والاهتمام بحقوق الأفراد، وقد أكد «ترامب» مرارًا على أنه سيعمل على إحداث التغيير المنشود خلال أول مئة يوم من ولايته الثانية، لكن مع أن «ترامب» سيبدأ ولايته بأغلبية في «الكونغرس»، إلا أن الأمور على الأرض لن تكون بهذه البساطة، فمعركة تمرير مشروعاته القانونية ستواجه تحديات معقدة بسبب الصراعات السياسية داخليًّا.
على الرغم من أن الحزب الجمهوري يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ، فإن «ترامب» سيتعين عليه تأمين جميع أصوات الجمهوريين لتمرير مشروعاته في «الكونغرس»، خاصة في ظل وجود بعض الجمهوريين الذين لا يؤيدون سياساته بالكامل.
هذا الوضع يعقد المهمة السياسية لـ«ترامب»، ويزيد تعقيد المشهد السياسي الأمريكي الذي يظل هشًّا بين الحزبين، خاصة مع الفارق الضئيل في عدد الأصوات التي تفصل بينهما في المجلسين، هناك أيضًا مسألة تأمين دعم بعض الديموقراطيين في حال تأخر صوت جمهوري.
يواجه «ترامب» تحديات داخل حزبه الجمهوري في مجلس الشيوخ، حيث ظهرت انقسامات بين الأعضاء، أحد أبرز القضايا هي قيادة الأغلبية الجمهورية التي انتقلت إلى السيناتور جون ثون، وهو الشخص الذي لم يمضِ وقت طويل في قيادة هذا الكيان السياسي الكبير.
هناك مجموعة من ستة أعضاء جمهوريين لا يظهرون دعمًا كاملًا لـ«ترامب» في سياساته، ما قد يؤثر في فاعلية عمله في «الكونغرس»، ومن أبرز هؤلاء الأعضاء السيناتور ميتش ماكونيل، الذي كان يشغل منصب زعيم الأغلبية لفترة طويلة، وكان معروفًا بانتقاداته العلنية لـ«ترامب».
سيكون أمام الحزب الديمقراطي فرصة لإعادة صياغة مشروعه السياسي، بعد الخسارة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، سيعمل الحزب الديمقراطي على استعادة مكانته في «الكونغرس» من خلال بناء تحالفات جديدة وتقديم قيادات بديلة، ما يعكس استعداده لمواجهة إدارة «ترامب» في الفترة المقبلة، في حال أثبتت إدارة «ترامب» أنها قادرة على تحقيق ما وعدت به من تغييرات، سيكون أمام الديمقراطيين تحدٍ كبير في التأثير في سياساته.
ستكون أولويات إدارة «ترامب» محاطة بضغوط كبيرة لتحقيق إنجازات سياسية، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهه في «الكونغرس»، سواء فيما يتعلق بتطبيق سياساته الداخلية، أم في استكمال الحروب الدائرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ستكون القدرة على الحفاظ على شعبيته وتحقيق التوازن السياسي أمرًا بالغ الأهمية.
سيجد «ترامب» أمامه طريقًا مليئًا بالتحديات السياسية في ولايته الثانية. وسيكون من الضروري له ولإدارته إيجاد حلول سياسية مرنة للتعامل مع هذه التحديات، سواء من داخل الحزب الجمهوري، أم من الحزب الديمقراطي المعارض.
سيتعين على الديمقراطيين في «الكونغرس» التكيف مع الوضع الجديد والعمل على إعادة بناء قوتهم السياسية في ظل وجود رئيس منتخب جديد فرض نفسه بكل قوة على الساحة.