اتفاق مبدئي بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة الليبية لتشكيل حكومة موحدة
في خطوة جديدة نحو حل الأزمة السياسية التي تعصف بليبيا، اجتمع ممثلون عن البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في مدينة بوزنيقة المغربية، حيث تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بشأن تشكيل حكومة موحدة وإعادة ترتيب العديد من الملفات السياسية والأمنية والمالية التي تسببت في الجمود السياسي بالبلاد.
الاجتماع الذي حضره حوالي 40 عضوًا من البرلمان و46 من المجلس الأعلى للدولة، تم افتتاحه من قبل وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بهدف إيجاد توافقات جديدة تهدف إلى استعادة الاستقرار في ليبيا.
إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفق اتفاق سياسي مشترك
واحدة من أبرز نتائج الاجتماع كانت الاتفاق على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا، استنادًا إلى المادة الرابعة من الاتفاق السياسي المبرم بين المجلسين.
حيث جرى الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة تشارك فيها كافة الأطراف السياسية الليبية، على أن يتم تشكيل لجنة مشتركة لمراجعة آلية الاختيار المقترحة من القاهرة، وتقديم مقترحات لتعديلها بما يتناسب مع الواقع السياسي الحالي.
كما تم التأكيد على ضرورة وضع ضوابط لضمان الشفافية في عمل الحكومة الجديدة، بما في ذلك تأسيس آليات لتوزيع عادل للموارد المالية على المناطق المحلية.
التركيز على الأمن واستعادة سيطرة الدولة على الحدود والمعابر
الجانب الأمني كان أحد المواضيع الرئيسية التي تم مناقشتها في الاجتماع. تم التوصل إلى اتفاق على تشكيل لجنة مشتركة للتواصل مع لجنة (5+5) العسكرية، التي تهدف إلى دعم جهودها في إعادة تأمين الحدود والمعابر، وفرض سيطرة الدولة عليها بشكل كامل.
كما تمت مناقشة سبل إخراج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، وهو أحد الملفات الأكثر تعقيدًا في الأزمة الليبية. تم تحديد هذه الخطوات كجزء من خطط أكبر لتوطيد الأمن واستعادة السيادة الوطنية في البلاد.
إجراءات مكافحة الفساد وتوزيع عادل للموارد
أحد القضايا المهمة التي تم التطرق إليها في الاجتماع كانت مسألة مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لوضع معايير وآليات لتوزيع عادل لميزانيات التنمية على المناطق المختلفة، وذلك لضمان تحسين كفاءة الهياكل المحلية وتعزيز العدالة الاجتماعية في توزيع الموارد.
كما تم التفاهم على ضرورة اقتراح تشريعات لمكافحة غسيل الأموال والحد من الأموال المهربة، مع مطالبة مصرف ليبيا المركزي بتخصيص مبالغ لدعم مشاريع التنمية مثل التعداد الوطني العام وتنظيم الرقم الوطني.
تحديات المسار الأممي وتأثير التحركات المحلية
في الوقت الذي تسعى فيه البعثة الأممية في ليبيا إلى دفع العملية السياسية نحو إجراء انتخابات شاملة، فإن التحركات التي جرت في مدينة بوزنيقة تعكس مسارًا موازٍ تسعى من خلاله الأطراف الليبية إلى إيجاد حلول تتناسب مع مصالحها وتواجه التأثيرات الخارجية.
وقد أشار بعض المشاركين في الاجتماع إلى أن التدخلات الدولية تساهم في تعقيد الأزمة الليبية، حيث أعربوا عن رغبتهم في إيجاد حل داخلي دون الضغوط الدولية المستمرة.
الخطوات التالية وتوقعات المستقبل
بحسب التسريبات، من المتوقع أن يتم توقيع الاتفاق المبدئي بشكل رسمي في اليوم التالي للاجتماع، مع تحديد فترة زمنية لا تتجاوز الشهر الواحد من أجل تقديم تقارير اللجان المشتركة للمراجعة والموافقة من قبل المجلسين.
هذا الاتفاق يعد خطوة هامة نحو تصحيح المسار السياسي في ليبيا، حيث يركز على إعادة التوازن بين المؤسسات الليبية، مع ضمان مشاركة كافة الأطراف في إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة القادمة.
إن الاجتماع الذي عقد في بوزنيقة يعد خطوة مهمة نحو حل الأزمة الليبية، حيث يعكس إرادة سياسية من الأطراف المختلفة لتجاوز الانقسام الحالي.
وعلى الرغم من أن التحديات ما زالت قائمة، فإن الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة ومعالجة الملفات الأمنية والمالية يشير إلى إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، وهو ما يبعث الأمل في مستقبل ليبيا السياسي.