«قسد» تشترط ضمان حقوق المكونات للانضمام إلى الجيش السوري الجديد
رغم انتهاء العمليات العسكرية في معظم المناطق السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد وعودة آلاف اللاجئين إلى ديارهم، لا تزال الاشتباكات دائرة بين فصائل مسلحة مدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق البلاد.
وأبرزت هذه الاشتباكات تساؤلات حول مصير “قسد” ودورها في المرحلة المقبلة.
ففي الأيام الماضية، انسحبت “قسد” من مدينة منبج ضمن اتفاقية هدنة برعاية أميركية-تركية، لكن هذه الهدنة سرعان ما انهارت، مما أدى إلى تجدد المعارك بشكل عنيف.
المواقف الدولية والإقليمية
أعلنت تركيا عبر وزير خارجيتها، هاكان فيدان، أن أنقرة لا ترى مبرراً لشن هجوم جديد ضد القوات الكردية في حال قامت السلطات السورية الجديدة بـ”معالجة ملفها بشكل صحيح”.
من جهتها، أكدت فرنسا، عبر وزير خارجيتها جان نويل بارو، على أهمية إشراك “قسد” في المرحلة الانتقالية وإيجاد حلّ يضمن حقوق جميع الأطراف.
مقترحات انضمام “قسد” إلى الجيش الوطني
أبدى أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد “هيئة تحرير الشام”، استعداده لدمج قوات “قسد” ضمن الجيش الوطني الجديد، بشرط أن تكون تحت إدارة وزارة الدفاع. من جانبها، أبدت “قسد” استعدادها لدراسة هذا المقترح، لكنها اشترطت أولاً الدخول في مفاوضات حول الدستور السوري الجديد وضمان حقوق المكونات السورية، خاصة في شمال وشرق البلاد.
مواقف “قسد” من المرحلة الانتقالية
أكد فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لـ”قسد”، أن الحديث عن مستقبل القوات لا يمكن أن يتم دون ضمان حقوق سكان شمال وشرق سوريا، الذين طالما عانوا من التهميش والاضطهاد على مدار العقود الماضية.
وأشار إلى أن الحكومات السورية المتعاقبة مارست تهميشاً ممنهجاً ضد الأكراد والمكونات الأخرى في تلك المناطق، مما يتطلب ضمانات دستورية تعترف بحقوقهم قبل أي اندماج.
شروط الأكراد لبناء الدولة الجديدة
شدد نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، على أن الأكراد يطالبون منذ سنوات بسوريا ديمقراطية لا مركزية. واعتبر أن الحل الأمثل هو وضع عقد اجتماعي جديد يُقرّ بحقوق جميع المكونات السورية، مع الاعتراف الدستوري بالأكراد كجزء أساسي من المجتمع السوري. وأكد أن بناء دولة لا مركزية أو نظام فيدرالي قد يكون الضمان الوحيد لتحقيق العدالة لجميع المكونات.
دعوات للتعاون والحوار
طرحت الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا مبادرة لعقد اجتماع تشاوري بين جميع القوى السياسية لتحديد مستقبل البلاد. واعتبرت أن الحوار الشامل هو الحل الوحيد لتجنب تكرار سياسات الإقصاء والتهميش التي دمرت سوريا سابقاً.
مستقبل مناطق “قسد”
رغم سيطرة “قسد” على نحو 20% من الأراضي السورية حالياً، إلا أن مستقبل هذه المناطق يبقى موضع جدل، خاصة مع إعلان “هيئة تحرير الشام” أن مناطق سيطرة “قسد” ستُدمج ضمن الدولة الجديدة بدون أي نظام فيدرالي.
تبدو المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات، حيث تتطلب تحقيق التوافق بين جميع الأطراف السورية لتشكيل نظام سياسي يضمن حقوق الجميع دون استثناء، مع تجنب العودة إلى ممارسات التهميش والإقصاء التي أدت إلى تأجيج النزاعات في العقود الماضية.