اختراق علمي: إنتاج أول قلب مصغر يولد الدم في المختبر
توفر الأعضاء المصغرة، أو ما يعرف بـ”الأورغانويدز”، فرصة فريدة للباحثين لفهم تطور الأعضاء البشرية ودراسة الأمراض التي قد تصيبها.
هذه الهياكل الصغيرة، التي لا يتعدى حجمها بضعة ملليمترات، يتم إنشاؤها من خلايا زُرعت في المختبر لتتخذ أشكالًا ثلاثية الأبعاد تحاكي الأعضاء الحقيقية. باستخدام هذه التقنية، يستطيع العلماء تحليل العمليات الأيضية وآليات الأمراض بطرق مبتكرة تتجاوز النماذج التقليدية.
خطوات دقيقة لصناعة الأعضاء المصغرةتتطلب زراعة الأورغانويدز في المختبر دقة عالية وعملية منظمة. يتم استخدام خلايا محفزة بعوامل نمو ومواد إشارية لضمان التكوين الصحيح للأنسجة. تشبه هذه الطريقة إلى حد كبير تطور الأعضاء داخل الجنين، حيث تُحفَّز الخلايا للتفاعل والنمو كما يحدث في الجسم الحي.
إنجاز تاريخي في إنتاج القلب المصغر
في عام 2021، نجح فريق بقيادة الدكتور روبرت تسويغرت في مختبرات ليبنيز بألمانيا في تطوير نموذج أورغانويد يحاكي عملية تكوين القلب البشري في المختبر. وقد مهد هذا الإنجاز الطريق لفهم أعمق لتطور القلب البشري.
تطوير نموذج يجمع القلب وتكوين الدم
واجه العلماء تحديًا كبيرًا في محاولة تصميم نموذج يحاكي تكوين القلب والدم معًا. وتمكن الباحثون من تحقيق هذا الهدف من خلال دمج عوامل محددة في نموذج الأورغانويد القلبي، ما أدى إلى إنتاج نموذج جديد يُسمى “الأورغانويد القلبي الدموي”، الذي يعكس بدقة كيفية تطور القلب وتكوين الدم داخل الجسم الحي.
آلية عمل الأورغانويد القلبي الدموي
تم تصنيع هذا النموذج باستخدام خلايا جذعية متعددة القدرات البشرية، القادرة على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا. من خلال مزج إشارات بيولوجية في مصفوفة هلامية، تشكلت الهياكل ثلاثية الأبعاد خلال فترة تتراوح بين 10 إلى 14 يومًا.
النموذج يتكون من سبعة أنواع مختلفة من الخلايا، ويحاكي تطور القلب بشكل كامل، إلى جانب مكونات أولية للرئتين والكبد والأوعية الدموية.
التطبيقات الطبية للأورغانويد القلبي الدموي
فتح هذا النموذج آفاقًا جديدة لدراسة تأثير الأمراض على الأعضاء البشرية. على سبيل المثال، يمكن استخدامه لفهم كيفية تأثير كوفيد-19 على القلب والرئتين. كما يمكن أن يساعد هذا النموذج في اختبار الأدوية بشكل أكثر دقة مقارنة بالنماذج الحيوانية.
توسع مستقبلي في أبحاث الأورغانويدز
تتيح مرونة تصميم الأورغانويدز إمكانية تطوير نماذج تمثل أعضاء متعددة. يعمل فريق مختبرات ليبنيز على بروتوكولات لتحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا من أعضاء مختلفة، مما يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام هذه النماذج في البحث الطبي والابتكار العلاجي.