فن

مسلسل مصري «العائدون» يتنبأ بأحداث سوريا قبل عامين

يجسد الفن علاقة وثيقة بين الإبداع والسياسة، حيث شكّل منصة للتعبير عن الأوضاع السياسية والاجتماعية، بل وتنبأ أحيانًا بمستقبل الدول والأحداث.

أحد أبرز الأعمال الفنية التي عكست هذا التوجه كان مسلسل “العائدون”، الذي عرض في رمضان 2022. المسلسل لم يقتصر على تقديم دراما ممتعة، بل رسم صورة متخيلة لما قد يحدث في سوريا، أحداث تتحقق على أرض الواقع بعد عامين من عرضه.

 الفن والسياسة: علاقة تاريخية وثيقة

عبر التاريخ، لعب الفن دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام وتسليط الضوء على القضايا السياسية الشائكة. سواء من خلال السينما أو الدراما التلفزيونية، ناقشت العديد من الأعمال الفنية قضايا أثارت جدلًا واسعًا وأحيانًا أزمات سياسية.

ومن أمثلة ذلك أفلام مثل “دكان شحاتة” و”صرخة نملة”، التي عالجت أوضاعًا سياسية حساسة. إلا أن مسلسل “العائدون” كان استثنائيًا في قدرته على استشراف المستقبل ورصد المصائر المحتملة لبعض الأنظمة السياسية.

 تنبؤات “العائدون” بالأحداث السورية

علق كاتب المسلسل، السيناريست باهر دويدار، على الأحداث الراهنة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، موضحًا أن العمل الفني استلهم أحداثه من المعطيات السياسية آنذاك.

دويدار أشار إلى أن سقوط نظام الأسد كان متوقعًا نظرًا للمقدمات التي شهدتها المنطقة. وأكد أن المسلسل لم يكن محض خيال، بل استند إلى تحليل واقعي للأوضاع السياسية والدينية المتشابكة في سوريا.

 بين التنبؤ بالواقع ورصد السيناريوهات المحتملة

في تصريحات خاصة، أوضح دويدار أن الأحداث السورية الحالية ليست سوى البداية لموجة جديدة من الصراعات.

وأشار إلى أن الوضع في سوريا يشبه إلى حد كبير ما حدث في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين، حيث استمر الصراع لسنوات بسبب التنافس على السلطة والثروات. وأضاف أن تجربة سقوط أنظمة أخرى، مثل السودان بعد البشير والصومال بعد الحرب الأهلية، كانت خلفية مهمة في كتابة سيناريو المسلسل.

 أحداث مسلسل “العائدون”

تدور أحداث المسلسل حول جهود المخابرات المصرية في التصدي للإرهاب، متمثلًا في تنظيم داعش الإرهابي. العمل يبرز الدور الحيوي لضباط المخابرات وعملاء سريين في إحباط المؤامرات التي تهدد مصر والمنطقة.

كما سلط الضوء على الأوضاع في سوريا، مع التركيز على المناطق التي وقعت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، ورصد المسلسل كيف تحولت سوريا من منطقة آمنة إلى بؤرة صراعات سياسية ودينية.

وفي نهاية المسلسل، تنبأ العمل بتدهور أكبر في سوريا، حيث تتصارع التيارات السياسية المختلفة على النفوذ، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى في الشارع السوري.

رؤية مستقبلية مظلمة

أكد باهر دويدار أن سوريا قد تواجه أوقاتًا أصعب في المستقبل، محذرًا من أن الفوضى الحالية قد تكون مجرد بداية.

وأشار إلى أهمية أن يتعامل الشعب السوري بحذر مع المرحلة المقبلة، خاصة مع تنوع التيارات السياسية والدينية داخل البلاد.

 طاقم العمل والنجاح الفني

“العائدون” من بطولة أمير كرارة، أمينة خليل، هاني رمزي، ومحمود عبدالمغني، إلى جانب نخبة من النجوم. كتب السيناريو باهر دويدار، وأخرجه أحمد نادر جلال. العمل لاقى إشادة واسعة، ليس فقط بسبب الأداء الفني، ولكن أيضًا لما قدمه من رؤية سياسية دقيقة جعلته أحد أبرز الأعمال الدرامية المصرية في السنوات الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى