مستقبل جورجيا.. بين الاحتجاجات والاحتمالات الأربعة
اندلعت احتجاجات واسعة النطاق في جورجيا خلال الأيام الماضية، حيث خرج مئات الآلاف إلى الشوارع بعد قرار الحكومة تعليق محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028.
يُعد هذا القرار ضربة لطموحات الجورجيين، الذين طالما اعتبروا الاندماج مع أوروبا هدفًا وطنيًا، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تأييدًا تجاوز 80% للانضمام.
رغم القمع العنيف الذي واجهت به السلطات هذه المظاهرات، عبر استخدام خراطيم المياه، ازدادت عزيمة المحتجين، الذين يرون في قضيتهم معركة من أجل مستقبل البلاد.
تنوع الاحتجاجات: من المعارضة إلى استقالة المسؤولين
ما يميز هذه الاحتجاجات هو تنوع المشاركين، حيث توسعت لتشمل أطيافًا مختلفة من المجتمع. بينما كانت المظاهرات في الماضي محصورة بأنصار المعارضة، شهدت هذه الموجة استقالة عشرات الدبلوماسيين والموظفين الحكوميين دعمًا لها. كما انضم بعض الناخبين الموالين للحزب الحاكم إلى الاحتجاجات، مما يعكس استياءً عامًا من قرار الحكومة.
من جهة أخرى، دعمت الرئيسة سالومي زورابشفيلي، المؤيدة بشدة للسياسة الأوروبية الأطلسية، المحتجين وانضمت إليهم في العاصمة تبليسي، مؤكدة عزمها البقاء في منصبها حتى تشكيل برلمان جديد.
أربع سيناريوهات محتملة لمسار الاحتجاجات
1. سيناريو التسوية
قد تضطر الحكومة تحت الضغط الداخلي والخارجي إلى تقديم تنازلات، مثل التراجع عن قرار تعليق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو الإعلان عن انتخابات برلمانية جديدة. ومع ذلك، يبدو هذا السيناريو أقل احتمالًا مع كل موجة عنف جديدة.
2. السيناريو البيلاروسي
قد تسير الحكومة الجورجية على خطى بيلاروسيا، مستعينة بدعم روسي مباشر أو غير مباشر لقمع الاحتجاجات.
يتضمن هذا السيناريو زيادة الوجود الأمني والعسكري الروسي في البلاد وتقديم الكرملين الدعم التقني والمشورة للحكومة.
3. سيناريو بولندا زمن الحرب الباردة
يمكن أن تلجأ الحكومة إلى فرض قوانين الطوارئ بذريعة منع تدخل عسكري روسي محتمل. يهدف هذا السيناريو إلى إخضاع المحتجين باستخدام التهديد بالخطر الخارجي.
4. سيناريو الثورة
في حال استمرار الضغط الشعبي وتصاعده، قد تصل البلاد إلى نقطة تحول تؤدي إلى ثورة شعبية. قد ينتج عن ذلك إما تشكيل حكومة انتقالية استعدادًا لانتخابات جديدة، أو دخول البلاد في صراع داخلي فوضوي يعيد ذكريات فترة ما بعد الاستقلال في التسعينيات.
أبعاد الأزمة الجورجية وأهميتها الإقليمية
تأتي هذه الاحتجاجات في وقت تشهد فيه جورجيا توترًا داخليًا متزايدًا وانتقادات دولية حادة للحكومة. يعكس الوضع في جورجيا صراعًا أوسع بين النفوذ الروسي والغربي في منطقة القوقاز، مما يجعل مستقبل البلاد محط اهتمام إقليمي ودولي.
المسار الذي ستتخذه الأزمة يعتمد بشكل كبير على توازن القوى بين الحكومة والمحتجين، بالإضافة إلى مدى تدخل القوى الخارجية.