خريطة الصراع السوري: سيطرة الفصائل المسلحة على 14 محافظة
شهدت سوريا في الآونة الأخيرة تحولات ميدانية مفاجئة، خاصة بعد أن شنت “هيئة تحرير الشام” وفصائلها المتحالفة هجومًا واسعًا في شمال غربي البلاد، انطلاقًا من إدلب.
في 27 نوفمبر 2024، بدأ الهجوم الذي استهدف مواقع الجيش السوري في المناطق الشمالية الغربية، وتمكنت الفصائل من السيطرة على حلب بالكامل بعد انسحاب القوات السورية والجماعات الإيرانية المقاتلة.
ثم انتقلت هذه الفصائل لتوسيع نطاق سيطرتها لتشمل ريف إدلب، ما أثار تساؤلات حول مصير المناطق الأخرى في البلاد.
المناطق المستهدفة والسيطرة على حلب وحماة
بعد السيطرة على إدلب وحلب، انتقلت العمليات العسكرية إلى محافظة حماة، التي شهدت بدورها تدهورًا سريعًا.
لم يمضِ وقت طويل قبل أن تتحول حماة، بكل مدنها وأريافها، إلى مناطق تحت سيطرة الفصائل المسلحة، بينما كانت محاولات الجيش السوري لاستعادتها في بداياتها خجولة وغير فعّالة. سيطرة الفصائل على هذه المناطق أثارت قلقًا كبيرًا بشأن إمكانية تقدمهم نحو مناطق أخرى.
حمص في مرمى الفصائل المسلحة
في وقت لاحق، توسعت سيطرة الفصائل لتشمل ريف حمص الشمالي، الذي سقط بسرعة في أيديهم. في مساء يوم الجمعة الموافق 6 ديسمبر 2024، توقفت الفصائل على أبواب مدينة حمص الرئيسية بعد أن أكملوا استيلاءهم على كافة الأراضي الزراعية والمناطق المحيطة بالمدينة.
ويمثل هذا تقدمًا كبيرًا للفصائل، حيث أن حمص تعتبر إحدى المناطق الإستراتيجية في وسط سوريا، والتقدّم إليها يحمل تداعيات عميقة على توازن القوى في المنطقة.
التطورات في شرق سوريا: سيطرة “قسد” على دير الزور
في شرق البلاد، فرضت قوات “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية) سيطرتها على مدينة دير الزور، بعدما انسحب الجيش السوري بشكل مفاجئ. كان الانسحاب مفاجئًا بشكل خاص بسبب وجود قوات موالية لإيران في المدينة، مما يعكس الوضع المتقلب في شرق سوريا.
في المقابل، كانت الرقة قد سقطت منذ سنوات تحت سيطرة القوات الكردية، فيما حافظت القوات الحكومية على وجود محدود في الحسكة والقامشلي، حيث تواجدت ضمن “مربعات أمنية” في المدينتين دون سيطرة كاملة.
الوضع في الجنوب: درعا والسويداء في قبضة الفصائل
أما في الجنوب، فقد تحولت درعا إلى نقطة ساخنة أخرى بعد أن سيطرت الفصائل المحلية المسلحة على العديد من الحواجز العسكرية في ريف المحافظة، فضلاً عن مناطق أخرى مثل مدينة نوى وبلدات مختلفة.
نتيجة لذلك، أصبح الجيش السوري خارج معادلة السيطرة في معظم المناطق هناك. في سويداء، ومع تصاعد الهجمات على مراكز حكومية، تم إخلاء العديد من المسؤولين في المحافظة، ما يسلط الضوء على توتر الأوضاع في هذا الجزء من سوريا.
إجمالي الخسائر وتداعيات الصراع
بينما يستمر الصراع في التوسع على الجبهات المختلفة، خلّف القتال حتى الآن أكثر من 800 قتيل من كلا الجانبين، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
في المقابل، أعلنت الفصائل عن مقتل أكثر من 65 جنديًا وضابطًا من الجيش السوري في مختلف الاشتباكات، ما يرفع من وتيرة المعارك في مختلف المناطق، مما يثير المخاوف من تحول البلاد إلى ساحة حرب ممتدة مع تأثيرات عميقة على المدنيين.
استمرار المعارك واحتمالات التغيير في الخارطة السورية
إن السيطرة المتزايدة للفصائل على عدد من المحافظات الكبرى في سوريا قد يشير إلى تغيرات جذرية في الخارطة السياسية والعسكرية للبلاد.
هذا التحول في موازين القوى يعكس الانهيار المستمر لسلطة الحكومة السورية في بعض المناطق، مما يزيد من تعقيد الأزمة المستمرة منذ سنوات.