مظاهرات في جورجيا للمطالبة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
شهدت شوارع العاصمة الجورجية تبليسي مساء السبت تظاهرات ضخمة لليلة الثالثة على التوالي، حيث تجمع الآلاف من المواطنين المؤيدين لانضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي.
تأتي هذه الاحتجاجات عقب قرار الحكومة الجورجية تأجيل عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2028، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من المعارضة والجماهير التي تطالب بالتحرك نحو التكامل الأوروبي الفوري.
تحركات الحكومة وأسباب الاحتجاجات
تعود جذور هذه الاحتجاجات إلى الانتخابات التشريعية التي جرت في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتي فاز فيها حزب “الحلم الجورجي” الحاكم.
هذا الفوز جاء وسط اتهامات من المعارضة بتزوير الانتخابات، حيث تدعو هذه الأخيرة إلى إعادة الانتخابات وتنظيم انتخابات جديدة تؤدي إلى تشكيل برلمان جديد.
كما أن قرار الحكومة بتأجيل التفاوض حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان بمثابة شرارة لهذه الاحتجاجات المستمرة، مما دفع العديد من المواطنين إلى النزول إلى الشوارع معبرين عن استيائهم من السياسة الحكومية.
تداعيات العنف واندلاع الاحتجاجات
في سياق الأحداث، استخدمت الشرطة في جورجيا خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لفض المظاهرات يومي الخميس والجمعة الماضيين، وهو ما أدى إلى توقيف حوالي 150 شخصًا وإصابة 42 من رجال الأمن.
وقد كانت المظاهرات صاخبة في وسط العاصمة، حيث ألقى المتظاهرون الحجارة والزجاجات والمواد الحارقة على قوات الأمن.
هذه الممارسات العنيفة أثارت استنكارًا دوليًا، حيث أدانت الولايات المتحدة الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، معلنة تعليق برنامج الشراكة مع جورجيا.
ردود فعل الرئيسة الجورجية والمجتمع الدولي
من جانبها، أعلنت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي، المولودة في فرنسا، عن دعمها للحركة الاحتجاجية، مؤكدة أنها ستظل في منصبها حتى تجري الانتخابات الجديدة.
وأعربت عن تضامنها مع المواطنين الذين يعارضون القرار الحكومي، مشيرة إلى أن جورجيا بحاجة للعودة إلى مسارها الأوروبي.
على الصعيد الدولي، ندّد الاتحاد الأوروبي والدول الغربية بتعامل الحكومة مع المتظاهرين، معتبرين أن قرار التأجيل يتعارض مع التزامات جورجيا في دستورها الرامي إلى الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
وفي أول رد فعل أمريكي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تعليق شراكتها الاستراتيجية مع جورجيا، معتبرة أن القرار الحكومي يعزز النفوذ الروسي في المنطقة ويهدد تطلعات الشعب الجورجي نحو التحديث والديمقراطية.
مستقبل العلاقة بين جورجيا والاتحاد الأوروبي
كانت جورجيا قد حصلت في ديسمبر 2023 على وضع “الدولة المرشحة” للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن بروكسل علّقت المحادثات بسبب ما وصفته بتراجع الحكومة عن تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية.
وتواصل المعارضة الجورجية مطالبتها بسرعة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من أجل ضمان تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أوروبا وتقليص النفوذ الروسي في البلاد.
في ضوء هذه الأحداث، تظل الوضعية السياسية في جورجيا محط اهتمام دولي، مع وجود انقسامات حادة بين الحكومة والمعارضة حول الطريق الأمثل للبلاد في المستقبل.