البشر القدماء بين اللحوم والنباتات: دراسة تكشف حقيقة النظام الغذائي لأجدادنا

أظهرت دراسة حديثة أن الإنسان العاقل وأسلافه ظلوا مفترسين لاحمين لمدة تصل إلى مليوني عام، حيث تخلوا عن النظام الغذائي النباتي وتناولوا كميات كبيرة من اللحوم، مما وضعهم في قمة السلسلة الغذائية.

وأوضحت الدراسة التي أُجريت عام 2021 من قبل علماء الأنثروبولوجيا في جامعة مينهو بالبرتغال أن الصورة التي تروج لها المجتمعات المعاصرة من الصيادين والجامعين، والتي تعتمد على تناول كميات كبيرة من النباتات، لا تعكس الواقع الغذائي للبشر في العصور القديمة. وقال أحد الباحثين: “المقارنة بين البشر القدماء وصيادي العصر الحديث غير دقيقة، لأن أسلافنا كانوا قادرين على اصطياد كائنات ضخمة مثل الفيلة، وهو ما لا يمكن للصيادين اليوم تحقيقه”.

وقد أظهرت دراسات سابقة متعلقة بالتشريح وقياسات النظائر في العظام والأسنان البشرية القديمة أن البشر كانوا، على مدار نحو مليوني عام، مفترسين لاحمين بشكل رئيسي، حتى نهاية العصر البليستوسيني قبل حوالي 12 ألف عام.

ورغم أن إعادة بناء النظام الغذائي للبشر القدماء من الصعب تحديده بدقة بسبب صعوبة الحفاظ على بقايا النباتات، إلا أن التحليلات الكيميائية للعظام والأسنان ساعدت في تحديد وجود غذاء غني باللحوم. لكن لا يمكن استقراء هذه الأدلة بشكل عام لكل البشر القدماء، حيث اختلفت البيئات والنظم الغذائية بشكل كبير على مر العصور.

وفُحصت الأدلة في أجسامنا مقارنةً بأقرب أقاربنا، مما كشف عن بعض السمات الفسيولوجية التي تدعم نظرية الاعتماد على اللحوم. على سبيل المثال، أجسام البشر تحتاج إلى طاقة أكبر من الحيوانات الأخرى مقارنةً بحجم الجسم، خاصةً بسبب احتياجات أدمغتنا الكبيرة للطاقة. كما أن هيكلنا الهضمي وحمض المعدة القوي يتناسب مع احتياجات التفكك السريع للبروتينات الحيوانية.

وفيما يشير تحليل الجينوم إلى تكيف البشر مع نظام غذائي غني بالدهون واللحوم، فإن هذه الأدلة تؤكد على أن البشر القدماء كانوا يعتمدون على لحوم الحيوانات الكبيرة منذ حوالي 2.5 مليون سنة. هذا الاتجاه استمر حتى العصر الحجري القديم العلوي، الذي انتهى قبل نحو 11,700 سنة.

رغم هذا، يشدد الباحثون على أن ماضينا الغذائي ليس بالضرورة دليلاً على نمط الحياة المثالي اليوم، مع التأكيد على أن التغيرات البيئية والتطور الثقافي قد أثرت في أنماط التغذية الحديثة. ومع ذلك، فإن فهم دور البشر في السلسلة الغذائية عبر التاريخ له تأثير كبير على فهم صحتنا ووظائفنا البيولوجية وكذلك تأثيرنا البيئي في العصور الماضية.