
“النار ولعت تاني، مفيش كهربا، ومفيش حد جوه البيت أصلاً!”
بهذه الكلمات المذعورة استقبلنا “عم حسين”، أحد سكان قرية برخيل التابعة لمركز البلينا بمحافظة سوهاج، وهو يشير إلى بقايا حجرة محروقة بالكامل… هذه ليست الحادثة الأولى، ولا الثانية… إنها الرقم 28 في أقل من شهر!
منذ بداية يوليو، تحولت برخيل من قرية هادئة إلى عنوان دائم على صفحات الرعب الشعبي. بيوت تحترق فجأة، أثاث يتفحم، مواشي تنفق، نساء تبكي، وأطفال لا ينامون ليلًا. ولا أحد حتى الآن يعرف لماذا.
هل تحترق القرية بـ”نار الجن”؟
في ظل العجز عن إيجاد تفسير دقيق، اتجه أهالي القرية إلى ما يؤمنون به منذ زمن:
> “الجن غضبان، حد لقى حاجة في الأرض أو دس على آثار قديمة”،
تحكي “الحاجة سعدية”، وهي تشير إلى ساحة بها رماد أسود.
وتضيف: “جبنا شيخ وقرأ قرآن.. النار خفت يومين ورجعت تاني”.
لكن الحقيقة ربما أكثر تعقيدًا…
خبراء البيئة أكدوا وجود ما يسمى بـ”الاشتعال الذاتي” الناتج عن تحلل المخلفات الزراعية داخل الأحواش المسقوفة، خاصة مع درجات الحرارة العالية.
في تصريحات حصرية، قال أ.د. سامي عز الدين، خبير البيئة الصناعية:
> “الحرائق دي ممكن تكون ناتجة عن غازات مثل الميثان، وده بيحصل في القرى اللي فيها تخزين تقليدي للقمامة الزراعية وقش النخيل”.
أجهزة الأمن تدخل المشهد
على الأرض، أرسلت المحافظة فرقًا من الدفاع المدني، وتم تركيب أبواش حريق، كما زار فريق من مشايخ الأزهر القرية لتهدئة الأهالي وتأكيد أن الجن بريء حتى الآن من كل هذا الدمار.
لكن الأهالي ما زالوا في قلق دائم… فكل مساء يمر يحمل احتمالية حريق جديد، وصراخ جديد، وسؤال بلا إجابة.
هل هي كارثة بيئية؟ أم لعنة مجهولة؟ أم أن الحقيقة أبسط مما نتخيل؟
الشيء الوحيد الأكيد أن قرية برخيل لم تعد كما كانت… ولن تعود قريبًا.