اقتصاد وتكنولوجيا

رأس الحكمة.. بوابة الاستثمار العالمي على الساحل الشمالي ودور الإمارات في دعم الاقتصاد المصري

إسلام شحته

في السنوات الأخيرة، أصبحت منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي لمصر محط أنظار المستثمرين العالميين، وذلك لما تتمتع به من موقع جغرافي استثنائي، وشواطئ بطول يزيد على 50 كيلومترًا من المياه الفيروزية، بالإضافة إلى قربها من شبكة الطرق الجديدة، مثل محور الضبعة، الذي يربطها بالقاهرة في أقل من ثلاث ساعات.

لكن التحول الحقيقي لرأس الحكمة من مجرد بقعة جغرافية واعدة إلى مشروع تنموي عملاق، جاء مدفوعًا بشراكات استراتيجية، في مقدمتها الشراكة الإماراتية-المصرية التي مثّلت خطوة تاريخية باتجاه تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية واستثمارية عالمية من الطراز الأول.

رؤية تنموية متكاملة

في فبراير 2024، أعلنت الحكومة المصرية رسميًا عن اتفاقية تطوير منطقة رأس الحكمة بالشراكة مع شركة Eagle Hills الإماراتية، في مشروع تبلغ استثماراته المبدئية نحو 35 مليار دولار، كجزء من خطة أوسع قد تصل إلى 150 مليار دولار خلال العقد المقبل. وتُعد هذه الاتفاقية واحدة من أضخم الاستثمارات في تاريخ مصر الحديث.

الرؤية تقوم على تحويل رأس الحكمة إلى مدينة ساحلية ذكية متعددة الاستخدامات، تضم فنادق ومنتجعات عالمية، مناطق سكنية فاخرة، موانئ يخوت، مناطق تجارية ومراكز أعمال، إلى جانب مرافق ترفيهية متقدمة. كل ذلك سيتم ضمن خطة تطوير مستدامة تحترم البيئة وتحافظ على الموارد الطبيعية.

دور الإمارات: شريك استراتيجي ومساهم في الاستقرار

لقد كانت الإمارات العربية المتحدة حاضرة دومًا كشريك داعم لمصر في محطات اقتصادية وسياسية متعددة، ولكن ما يميز دورها في مشروع رأس الحكمة هو الجمع بين الاستثمار طويل الأمد والثقة في مستقبل مصر الاقتصادي.

هذا الاستثمار لا يهدف فقط إلى العائد المالي، بل يعكس رغبة إماراتية في دعم الاستقرار والتنمية في مصر من خلال أدوات اقتصادية مبتكرة. فمن خلال ضخ مليارات الدولارات، تُعزز الإمارات احتياطي النقد الأجنبي المصري، وتساهم في تحسين التصنيف الائتماني للدولة، وتفتح أبوابًا جديدة لفرص العمل والتنمية الحضرية خارج نطاق المدن التقليدية.

أثر المشروع على الاقتصاد المصري

تُعد عوائد مشروع رأس الحكمة متعددة الأبعاد:

  • تمويل مباشر لخزينة الدولة من خلال بيع الأراضي وحقوق التطوير.

  • عائدات دائمة من الضرائب والنشاط الاقتصادي والسياحي.

  • خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لآلاف المصريين في قطاعات البناء، السياحة، التكنولوجيا والخدمات.

  • تعزيز الصورة الدولية لمصر كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي الكبير، وخاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.

رأس الحكمة: من حلم محلي إلى أيقونة إقليمية

في ضوء ما تقدم، لم تعد رأس الحكمة مجرد منطقة تطوير عقاري، بل مشروع وطني يعكس طموح مصر في القرن الحادي والعشرين، بدعم من شريك عربي يتمتع بثقل مالي ورؤية تنموية متقدمة.

إن التعاون الإماراتي-المصري في رأس الحكمة يقدم نموذجًا ناجحًا للتكامل العربي المبني على المصالح المشتركة، ويُبرز أهمية تحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص استثمارية تسهم في رخاء الشعوب واستقرار المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى