تقارير

لماذا تعجز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في حل المسائل الرياضية؟

تتميز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT وClaude وGemini، بإمكانياتها الرائعة في توليد النصوص الإبداعية وتقديم المعلومات بشكل طلق.

ومع ذلك، فإنها تواجه صعوبات كبيرة عندما يتعلق الأمر بحل المسائل الرياضية. هذا التناقض يثير تساؤلات حول قدرة هذه الأنظمة على معالجة الأرقام والمعادلات الرياضية بشكل دقيق.

 طبيعة النماذج اللغوية الكبيرة

تعتمد النماذج اللغوية الكبيرة على كميات هائلة من البيانات النصية لتعلم الأنماط اللغوية. ورغم أن هذه النماذج تستطيع فهم المعاني العامة وإنتاج نصوص غنية، إلا أنها لا تتمتع بفهم عميق للمعاني المرتبطة بالأرقام.

يُعتبر هذا الفهم السطحي نتيجة عملية “التجزئة” (Tokenization) التيخ تعتمدها هذه النماذج، حيث يتم تقسيم النصوص إلى وحدات أصغر تُعرف باسم (tokens)، مثل الكلمات أو الرموز، مما يؤدي إلى فقدان المعلومات الدقيقة اللازمة للقيام بعمليات حسابية.

التحديات الإحصائية في معالجة الرياضيات

تعمل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على تحليل البيانات من منظور إحصائي، مما يجعلها تعتمد على الأنماط التي تعلمتها بدلاً من الفهم العميق للقواعد الرياضية. فعلى سبيل المثال، عند محاولة حل عملية رياضية مثل ضرب عددين كبيرين، قد تعتمد النماذج على الأنماط السابقة دون مراعاة التفاصيل الدقيقة في الحسابات، مما يؤدي إلى أخطاء ملحوظة.

 دراسة جديدة تكشف عن الصعوبات

أظهرت دراسة أجراها الباحث يونتيان دينج في جامعة واترلو أن نموذج GPT-4o يُظهر أداءً ضعيفًا في حل مسائل الضرب للأعداد الكبيرة.

وقد وجد أن النموذج يحقق دقة تقل عن 30% عندما يتعلق الأمر بأعداد تتكون من أربعة أرقام أو أكثر، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها هذه النماذج في الرياضيات.

على الرغم من هذه العقبات، فإن هناك آمالًا كبيرة بشأن إمكانية تحسين هذه النماذج. نموذج o1 الجديد من OpenAI، الذي تم إطلاقه مؤخرًا، أظهر نتائج أفضل في حل مسائل معقدة، حيث تمكّن من حل مسائل ضرب تتكون من تسعة أرقام بشكل أسرع وأكثر دقة. وهذا يشير إلى إمكانية تطور نماذج الذكاء الاصطناعي في مجال الرياضيات وتحقيق نتائج أفضل.

تثير النتائج الإيجابية الأخيرة تفاؤلًا بشأن قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على التعامل مع التحديات الرياضية.

مع استمرار التطورات، قد يصبح من الممكن لهذه الأنظمة أن تنافس البشر في حل المسائل الرياضية، مما يفتح المجال لمزيد من الاستخدامات في التعليم والبحث العلمي.

على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، إلا أن الاتجاه نحو تحسين الأداء يمثل خطوة مهمة في مسيرة هذه التكنولوجيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى