النفط الليبي.. من مصدر للرفاهية إلى وقود للاقتتال
مع استمرار تمسك المجلس الرئاسي بترشيح محمد الشكري محافظًا للبنك المركزي، دخل النفط الليبي على خط الأزمة، بتهديد عدة أطراف بإغلاق حقول الذهب الأسود في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
أزمات اجتمعت منذ محاولة تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وباتت تنذر بانفجار وشيك، يهدد بغلق صمام النفط، في البلد الذي ينتج نحو مليون و200 ألف برميل يوميا، مما سيلقي بتبعات ثقيلة على الأسواق العالمية، والداخل الليبي في آن.
النفط الليبي
ونقلت وسائل إعلام محلية ليبية عن «مجلس أعيان الواحات»، قوله، إنه يعتزم التوجه إلى الحقول النفطية في جنوب شرق البلاد لإغلاقها؛ ردا على «محاولة السيطرة على المركزي بالقوة والاستفراد بالأموال لتعطيل التنمية»، على حد قول البيان.
وسبق وحذر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، من المساس بالمحافظ في الوضع الراهن، قائلا إنه أمر «قد يترتب عليه إغلاق النفط، ووقف تحويل إيراداته إلى المصرف المركزي».
فماذا تعني تلك التطورات؟
توقع الباحث والأكاديمي الليبي، فرج الجارح، أن تؤدي تلك التطورات إلى وقوع صدامات فعلية في طرابلس.
وأوضح الأكاديمي الليبي، أن المجموعات المسلحة التي تدعم رئيس حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) عبدالحميد الدبيبة الرافض لقرار البرلمان قد تدخل في مواجهة مباشرة مع قوة «الردع» (القوة المسلحة المسؤولة عن تأمين المصرف) وحلفائها؛ ما يعني «الفشل في تحقيق الاستقرار».
حكومة الوحدة الوطنية الليبية
وعما يجب فعله لكبح انزلاق البلاد نحو هذا المصير، قال الجارح: «من الضروري تبني سياسات شفافة وفعالة لإدارة الأموال العامة، وتجنب الصراعات المسلحة لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي حقيقي».
وبدأت أزمة مصرف ليبيا المركزي منذ أن قرر المجلس الرئاسي، في 18 أغسطس/آب الجاري، تغيير المحافظ الحالي، الصديق الكبير، وإصراره على تولي محمد الشكري، رغم اعتذار الأخير عن عدم تولي المنصب «حقنا للدماء».
مصرف ليبيا المركزي
ورفض مجلسا النواب والأعلى للدولة قرار المجلس الرئاسي، معتبرين أن تعيين محافظ المصرف خارج اختصاصه، فيما حشدت جماعات مسلحة مختلفة المصالح أرتالا ضخمة وجهتها نحو العاصمة طرابلس، في وضع أثار مخاوف من نشوب اشتباكات.
نتيجة حتمية
واعتبر الجارح، أن «إغلاق حقول النفط هو نتيجة حتمية للتعنت السياسي ومحاولات السيطرة الكاملة على موارد ليبيا دون الوضع في الاعتبار مصالح الشعب الليبي».
وبحسب الأكاديمي الليبي، فإنه «رغم أن الهدف المعلن للمناكفات السياسية هو الوصول لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية كخطوة نحو الاستقرار السياسي، فإن الواقع يكشف أن هذا الهدف تحول إلى مسعى للهيمنة على المال العام واستخدام موارد النفط الليبي في أغراض لم يجتمع أو يوافق عليها جموع الليبيين».
ماذا يعني اعتذار الشكري؟
وعن اعتذار محمد الشكري عن تولي رئاسة المصرف المركزي، قال الكاتب الصحفي الليبي عبدالعزيز الرواف إن «الرجل قرأ المشهد جيدا، وأدرك أن قبوله للقرار سيسبب عوائق أمامه في تسيير العمل، منها المعاناة مع المحيط الدولي الذي يدعم الصديق الكبير».
وأعلن محمد الشكري اعتذاره، صباح الجمعة، عن عدم قبول تكليف المجلس الرئاسي له بتولي منصب محافظ المصرف، بعد أيام من التوتر والتحفز في أوساط الجماعات المسلحة المؤيدة والرافضة لتعيينه، وما شهده محيط مقر المصرف من استنفار كبير من قوة «الردع»؛ خشية اقتحامه.
الدينار الليبي
وبحسب الرواف، فإن اعتذار الشكري لن يتسبب في أزمات اقتصادية في ليبيا، بل إن قبوله للعرض، هو ما يُمكن أن يُثير حفيظة مؤسسات مالية واقتصادية عالمية، ويؤثر على تعاملها مع ليبيا، وبالتالي ينعكس هذا سلبا على الاقتصاد وقيمة الدينار الليبي.