هجوم بري إسرائيلي واسع النطاق يستهدف السيطرة على مدينة غزة

في تطور دراماتيكي يعكس تصعيداً خطيراً في النزاع المستمر، أعلن مسؤولون إسرائيليون أن القوات البرية الإسرائيلية قد بدأت عملية هجومية أرضية مكثفة لاحتلال مدينة غزة بالكامل، بهدف القضاء على البنية التحتية العسكرية لحركة حماس وإنهاء سيطرتها على المنطقة.
وفقاً لتقارير إعلامية، انطلقت العملية يوم الاثنين الماضي، مع تأكيد رسمي من الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء بأنها ستكون “تدريجية” في مراحلها الأولى لتجنب الخسائر الفورية الكبيرة، لكنها ستتوسع قريباً لتشمل قوات إضافية ودبابات ثقيلة.
هذه العملية، المسماة جزءاً من “عملية مركبات جدعون الثانية”، تأتي بعد أسابيع من الضربات الجوية المتواصلة التي أدت إلى تدمير مبانٍ متعددة وإصابة مدنيين.
خلفية العملية وأهدافها الرئيسية
أقر مجلس الأمن الإسرائيلي الخطة في أوائل أغسطس 2025، بعد أن وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المدينة بأنها “عاصمة الإرهاب” ومركز القيادة لحماس.
الهدف المعلن هو السيطرة على ما يُقدر بنحو 40% حالياً من أحياء غزة، مع خطط للوصول إلى 100% في الأيام القادمة، من خلال تدمير الأنفاق والمخازن السلاحية والمنشآت العسكرية.
كما أكد نتنياهو في بيان له أن العملية “المرحلة الحاسمة” لتحقيق خمسة مبادئ أساسية: تفكيك قدرات حماس العسكرية والسياسية، إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، نزع السلاح من غزة، ضمان سيطرة أمنية إسرائيلية طويلة الأمد، وفرض سلطة مدنية جديدة خالية من حماس أو السلطة الفلسطينية.
ومع ذلك، حذرت عائلات الأسرى الإسرائيليين المتبقين (حوالي 20 شخصاً) من أن الهجوم يعرض حياتهم للخطر، خاصة بعد تقارير عن نقل بعضهم إلى الأرض المكشوفة لاستخدامهم كدروع بشرية.
التفاصيل العسكرية والتنفيذ الأولي
بدأت القوات البرية بالدخول إلى أحياء شرقية مثل شيخ رضوان والزيتون وجباليا، مدعومة بغارات جوية ومدفعية مكثفة استمرت طوال الليلة الماضية، مما أدى إلى إشعال حرائق واسعة وانهيار مبانٍ سكنية.
أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إجلاء كاملة لسكان غزة، محذراً من أن المدينة أصبحت “منطقة قتال خطيرة”، وداعياً إلى التوجه جنوباً نحو مناطق إنسانية محددة.
وصلت نسبة الإجلاء إلى أكثر من 40% من السكان البالغ عددهم مليون نسمة، مع تقارير عن آلاف الهاربين الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والماء. دعم الجيش العملية بتعبئة 60 ألف جندي احتياطي، بما في ذلك لواء جيفاتي وفرقة 162 المدرعة، مع استخدام جرافات عسكرية لتفجير مركبات قديمة وتدمير منازل مشتبه بها في استخدامها كمستودعات أسلحة.
وفي بيان للمتحدث العسكري بالعربية، عوفي درعي، أكد أن “القوات بدأت في تدمير بنى حماس فوق وتحت الأرض”.
الخسائر والتأثيرات الإنسانية
أفادت وزارة الصحة في غزة، التابعة لحماس، بمقتل نحو 65 ألف فلسطيني منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، معظمهم نساء وأطفال، وأن الضربات الأخيرة قتلت 16 شخصاً على الأقل في غارات على مخبز في حي النسير ومنازل في الشيخ رضوان.
كما سجلت منظمة الصحة العالمية ويونيسف انتشار أوبئة مثل الإسهال الوبائي بسبب نقص المياه النظيفة، ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع بأنه “كارثي” مع انهيار نظام المساعدات. على الجانب الإسرائيلي، أدى التقدم الأرضي إلى خسائر في صفوف الجنود، مع إصابة مئات منذ يونيو 2025، وفقاً لتقديرات رسمية.
الردود الدولية والإقليمية
حظيت العملية بدعم أمريكي قوي، حيث أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن “نتنياهو يحظى بدعم كامل من واشنطن لتدمير حماس”، بينما حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حماس من استخدام الأسرى كدروع بشرية، محذراً من “إنهاء كل الرهانات” إذا حدث ذلك.
من جانب آخر، أثارت العملية إدانات دولية واسعة؛ فالأمم المتحدة ومجلس أوروبا وصفاها بـ”انتهاك للقانون الدولي”، بينما علقت ألمانيا تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وأعلنت النرويج إعادة تقييم استثماراتها.
في المنطقة، رفضت حماس الاتهامات ووصفت الهجوم بـ”حرب وحشية ضد المدنيين”، مطالبة بوقف إطلاق نار فوري، بينما أعربت دول مثل تركيا والسعودية عن مخاوفها من تفاقم المجاعة التي أكدتها منظمة الأغذية والزراعة في غزة.
الآفاق المستقبلية
مع استمرار الاشتباكات اليومية، يتوقع مراقبون أن تؤدي العملية إلى زيادة الخسائر البشرية والنزوح، خاصة مع تقارير عن مجاعة محتملة تنتشر جنوباً نحو دير البلح وخان يونس.
كما يخشى خبراء أمنيون إسرائيليون من تمديد النزاع، محذرين من أن السيطرة على غزة قد تكلف حياة إضافية للأسرى وتؤجج التوترات الإقليمية.
حتى الآن، لم يصدر رد عسكري فلسطيني مباشر على نطاق واسع، لكن حماس أصدرت فيديو يظهر أسرى إسرائيليين في المدينة، مما يعزز القلق حول مصيرهم.