تعقيدات في تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة
رغم التوقعات بإمكانية عقد اجتماع قريب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد بعد قطيعة تجاوزت عقداً من الزمن، فإن تطبيع العلاقات بين البلدين يواجه تحديات كبيرة. يرى محللون أن المصالحة بين الطرفين لن تكون سريعة، بل تدريجية ومعقدة نظراً للملفات الشائكة بينهما.
تعقيدات في الملفات العالقة
منى يعقوبيان، نائب رئيس مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد السلام الأميركي، صرحت لوكالة “فرانس برس” بأن المصالحة بين أنقرة ودمشق لن تحدث بين عشية وضحاها.
مشيرة إلى وجود تعقيدات عديدة في الملفات العالقة، مما يعني أن استعادة العلاقات ستكون تدريجية وطويلة الأمد.
خلفية تاريخية للعلاقات التركية السورية
قبل اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا، وكان يجمع أردوغان علاقة صداقة بالأسد.
ولكن مع بدء الاحتجاجات ضد الأسد، دعت أنقرة في البداية إلى إصلاحات سياسية، لكن مع تحول التظاهرات إلى نزاع دام، دعت تركيا الأسد إلى التنحي.
تطورات حديثة وتصريحات متبادلة
في مارس/آذار 2012، أغلقت تركيا سفارتها في دمشق وقدمت دعماً للمعارضة السياسية، ومن ثم بدأت بدعم فصائل مسلحة معارضة.
وفي الشهر الحالي، أبدى أردوغان استعداده لدعوة الأسد إلى تركيا، بينما أعرب الأسد عن إيجابية تجاه المبادرة التركية، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في مضمون اللقاء وليس في عقده بحد ذاته.
قضية اللاجئين السوريين
تفاقم مشاعر معادية للاجئين السوريين في تركيا، التي تستضيف نحو 3.2 مليون لاجئ، يجعل مصيرهم قضية حساسة في السياسة الداخلية التركية. ويشكل هذا الملف ضغطًا إضافيًا على أنقرة للتوصل إلى حل مع دمشق.
الموقف التركي من الوجود العسكري في سوريا
تشترط دمشق منذ عام 2022 انسحاب القوات التركية التي تسيطر على شريط حدودي واسع في شمال سوريا كشرط أساسي لعقد لقاء بين الأسد وأردوغان.
وصرح الأسد بأن جوهر المشكلة يكمن في دعم الإرهاب وانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
القضية الكردية
تتفق أنقرة ودمشق على رفض الحكم الذاتي للأكراد. تركيا تسعى لإبعادهم عن حدودها، بينما تعارض دمشق نزعتهم الانفصالية والدعم الذي يتلقونه من واشنطن. ويخشى الأكراد أن يدفعوا الثمن الأكبر لأي تقارب بين تركيا وسوريا.
مستقبل العلاقات في ظل التحديات
يعتقد مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، سونير كاغابتاي، أن أنقرة تريد من الأسد القضاء على حزب العمال الكردستاني، هذا السيناريو يثير مخاوف ملايين السوريين في مناطق المعارضة، خصوصاً في إدلب.
الاتفاقيات السابقة وتحديات المستقبل
تفعيل اتفاقية أضنة الموقعة بين تركيا وسوريا عام 1998 قد يكون أداة لتخفيف التوترات، حيث تخول الاتفاقية تركيا شن عمليات في سوريا على عمق خمسة كيلومترات من الحدود إذا تعرض أمنها القومي للخطر.
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، قد يكون هناك تحسب لأي تحول محتمل في السياسة الأميركية تجاه سوريا.
في ظل هذه التعقيدات، يبقى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق عملية تدريجية تتطلب وقتاً طويلاً وجهوداً متواصلة لمعالجة القضايا العالقة.