اقتصاد وتكنولوجياتقاريرفن

ترامب يفرض رسومًا جمركية بنسبة 100% على الأفلام الأجنبية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأحد 4 مايو 2025، عن قرار بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام السينمائية المنتجة خارج الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى إنعاش صناعة السينما الأمريكية التي وصفها بأنها “تموت موتًا سريعًا”.

ويأتي هذا القرار وسط انتقادات متزايدة لسياساته التجارية العدوانية، التي أثارت توترات مع العديد من الدول، خاصة الصين.

 تفاصيل القرار

في منشور على منصته “تروث سوشيال”، أشار ترامب إلى أن الدول الأجنبية تقدم حوافز مالية مغرية لجذب الاستوديوهات وصناع الأفلام الأمريكيين للتصوير خارج الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى تدهور صناعة السينما في هوليوود ومناطق أخرى بالبلاد.

ووصف هذا الاتجاه بأنه “جهد متعمد” من دول أخرى يشكل “تهديدًا للأمن القومي”، مدعيًا أن الأفلام الأجنبية تحمل “رسائل دعائية”.

وأوضح ترامب أنه كلف وزارة التجارة الأمريكية والممثل التجاري للولايات المتحدة بالبدء فورًا في تطبيق الرسوم الجمركية على جميع الأفلام المستوردة التي تم إنتاجها في دول أجنبية.

وقال: “نريد أن تُنتج الأفلام في أمريكا مجددًا!”، معربًا عن طموحه لإعادة إحياء هوليوود.

 ردود الفعل

– الصين: يأتي إعلان ترامب بعد أن أعلنت الصين الشهر الماضي تقليص عدد الأفلام الأمريكية المستوردة، ردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة التي وصلت إلى 145% على السلع الصينية. وتُعد الصين ثاني أكبر سوق للأفلام في العالم، مما يجعل هذا التصعيد التجاري مؤثرًا على الصناعة السينمائية.

– أستراليا ونيوزيلندا: أعربت الحكومتان عن دعمهما لصناعاتهما السينمائية المحلية. وقال وزير الشؤون الداخلية الأسترالي توني بيرك إن بلاده ستقف “بقوة” دفاعًا عن صناعة الشاشة الأسترالية، بينما أكد رئيس وزراء نيوزيلندا كريستوفر لوكسون أن حكومته ستدافع عن هذا القطاع بانتظار تفاصيل القرار.

– هوليوود: أثار القرار صدمة بين الاستوديوهات الأمريكية، حيث أعرب مديرو الاستوديوهات عن حيرتهم إزاء كيفية تطبيق الرسوم، خاصة أن العديد من الأفلام الأمريكية تُصوَّر جزئيًا في الخارج أو تخضع لعمليات ما بعد الإنتاج في الولايات المتحدة. ولم يصدر تعليق فوري من رابطة الأفلام الأمريكية (MPA).

 التحديات والغموض

لم يتضح بعد كيف سيتم تنفيذ الرسوم الجمركية عمليًا، نظرًا لطبيعة الأفلام كمنتجات فكرية وليست سلعًا مادية. وتشمل الأسئلة المعلقة:

– هل ستشمل الرسوم الأفلام المعروضة في دور السينما فقط، أم ستطال الأفلام على منصات البث مثل نتفليكس؟

– هل ستنطبق على الأفلام الأمريكية التي تُصوَّر جزئيًا في الخارج، مثل “Avengers: Doomsday” الذي يُصوَّر في المملكة المتحدة، أو “Dune: Messiah” المقرر تصويره في المجر؟

– كيف سيتم احتساب الرسوم؟ هل ستُحسب بناءً على تكاليف الإنتاج أم إيرادات شباك التذاكر؟

– هل ستُطبق على الأفلام التي اكتمل إنتاجها أو تلك التي لا تزال قيد التصوير؟

إضافة إلى ذلك، هناك اتفاقية في منظمة التجارة العالمية تمنع فرض رسوم على السلع الرقمية حتى عام 2026، مما قد يعقد تطبيق القرار. كما أن الأفلام تُعتبر خدمات وليست سلعًا، مما يثير تساؤلات حول إمكانية فرض رسوم عليها بموجب القوانين الحالية

 سياق الصناعة

زعم ترامب أن هوليوود “تُدمَّر” بسبب هجرة الإنتاج إلى دول مثل كندا، المملكة المتحدة، أستراليا، والمجر، التي تقدم إعفاءات ضريبية وسخية. وفي الواقع، شهدت لوس أنجلوس انخفاضًا بنسبة 40% في إنتاج الأفلام والمسلسلات خلال العقد الماضي.

وفقًا لمنظمة FilmLA، نتيجة الجائحة، إضرابات 2023، وحرائق يناير 2025. ومع ذلك، أظهرت إيرادات شباك التذاكر الأمريكي في 2025 نموًا بنسبة 15.8% مقارنة بـ2024، مدعومة بأفلام مثل “A Minecraft Movie” و”Thunderbolts”، مما يناقض ادعاءات ترامب عن “موت” الصناعة.

في المقابل، قدمت ولاية كاليفورنيا، بقيادة الحاكم غافن نيوسوم، اعتمادات ضريبية ضخمة لإعادة الإنتاج إلى هوليوود، لكن ترامب وجه انتقادات لنيوسوم، متهمًا إياه بالفشل في حماية الصناعة.

 التداعيات المحتملة

– تأثير على الأسعار: قد يؤدي فرض الرسوم إلى زيادة تكاليف إنتاج الأفلام، مما قد يدفع الاستوديوهات إلى رفع أسعار التذاكر أو الاشتراكات في منصات البث، مما يؤثر على الجمهور.

– ردود فعل دولية: حذر خبراء من أن الدول الأخرى قد ترد بفرض قيود على الأفلام الأمريكية، كما فعلت الصين، مما قد يضر بالصادرات السينمائية الأمريكية التي حققت فائضًا تجاريًا بقيمة 15.3 مليار دولار في 2023.

– صعوبات لوجستية: الأفلام غالبًا ما تُنتج عبر بلدان متعددة، مما يجعل تطبيق الرسوم معقدًا. على سبيل المثال، قد يواجه فيلم صُوِّر جزئيًا في المغرب مثل “The Odyssey” لكريستوفر نولان تحديات في تصنيفه كـ”أجنبي” أو “أمريكي”.

يأتي قرار ترامب في إطار سياساته الحمائية الواسعة، التي شملت فرض رسوم بنسبة 10% على معظم الواردات العالمية، و145% على الواردات الصينية، و25% على الصلب والسيارات من كندا والمكسيك. وقد عيّن ترامب في يناير 2025 ثلاثة ممثلين (جون فويت، ميل غيبسون، وسيلفستر ستالون) كـ”سفراء خاصين” لإنعاش هوليوود، مما يعكس تركيزه على هذا القطاع.

توقعات المستقبل

يتوقع المحللون أن يواجه القرار تحديات قانونية ولوجستية، خاصة مع اقتراب مهرجان كان السينمائي، حيث تسعى الاستوديوهات الأمريكية لبيع حقوق التوزيع الأجنبية.

كما أن التأثير طويل المدى على هوليوود قد يكون محدودًا إذا لم يصاحب الرسوم بحوافز مالية محلية قوية. ومع استمرار التوترات التجارية، قد يؤدي القرار إلى تفاقم الاضطرابات الاقتصادية العالمية، خاصة مع انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.3% في الربع الأول من 2025.

هذا القرار يعكس نهج ترامب في استخدام الرسوم الجمركية كأداة لدعم الصناعات المحلية، لكنه يثير تساؤلات حول جدواه في ظل تعقيدات صناعة السينما العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى