زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى كوريا الجنوبية: تعزيز العلاقات الاستراتيجية وتوسيع آفاق التعاون
تحمل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إلى كوريا الجنوبية يوم الثلاثاء، أهمية خاصة لأسباب عديدة. أولاً، هذه الزيارة هي الأولى له إلى كوريا الجنوبية منذ توليه مقاليد الحكم في مايو/آيار 2022.
الزيارة تمثل محطة هامة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي شهدت قفزات نوعية خلال السنوات الأخيرة لتصل إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية الخاصة”.
تعد “زيارة الدولة” التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من أرفع أنواع الزيارات الرسمية، مما يعكس قوة ومتانة العلاقات بين الإمارات وكوريا الجنوبية، والسعي المشترك لتعزيزها.
مراسم هذه الزيارة تعكس حجم المكانة التي يحظى بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودولة الإمارات لدى كوريا الجنوبية قيادة وشعبًا.
بدأ الشيخ محمد بن زايد زيارته الرسمية التي تستمر يومين تلبية لدعوة الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، حيث يبحث الزعيمان خلالها تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا، ضمن إطار الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي تربط البلدين، بما يتماشى مع رؤاهما لمستقبل التنمية والازدهار المستدام.
قمة يناير 2023
القمة الحالية بين الزعيمين تأتي بعد أقل من 18 شهرًا من القمة التي عقدت خلال زيارة الرئيس الكوري الجنوبي إلى الإمارات في يناير/كانون الثاني 2023. تلك القمة كانت أول زيارة للرئيس الكوري الجنوبي إلى الإمارات بعد توليه منصبه في مايو/آيار 2022.
خلال قمة يناير، اتفق الزعيمان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين البلدين من خلال التعاون في أربعة مجالات رئيسية: الطاقة التقليدية والطاقة النظيفة، الطاقة النووية السلمية، الاقتصاد والاستثمار، والدفاع وتكنولوجيا الدفاع.
كما شملت المحادثات التعاون في مجالات أخرى مثل الفضاء والصناعات الناشئة والمجال الثقافي، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية.
استثمارات استراتيجية
أعلنت الإمارات خلال تلك الزيارة عن التزامها باستثمار 30 مليار دولار في قطاعات استراتيجية في كوريا الجنوبية.
ووفقًا لبيان مشترك، تؤدي الشراكة الاستراتيجية بين البلدين دورًا مهمًا في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها، وتعزيز الحوار والدبلوماسية في جميع أنحاء المنطقة.
أكد الجانبان على أهمية الالتزام بالقانون الدولي ومبادئ احترام سيادة الدول وحل النزاعات بالطرق السلمية.
النزاعات بالوسائل السلمية
خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس يون سوك يول إلى “محطات براكة للطاقة النووية السلمية” في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، تم الاطلاع على مستجدات تطوير المحطات.
أشاد الشيخ محمد بن زايد بجهود الخبرات الإماراتية والكورية التي عملت على إنجاز هذه المحطات خلال العقد الماضي، والتي ستوفر عند تشغيلها الكامل 25% من احتياجات الإمارات من الطاقة الكهربائية دون أي انبعاثات كربونية، وتوفر مليارات الدولارات من الغاز الطبيعي.
كما شهد القادة تبادل وإعلان عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتطوير التعاون في مختلف المجالات.
زيارات القادة
زيارة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول إلى الإمارات في يناير 2023 تأتي ضمن سلسلة زيارات متبادلة بين قادة البلدين، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية. الشيخ محمد بن زايد قام بعدة زيارات إلى كوريا الجنوبية، بما في ذلك زيارات في يونيو 2006، مايو 2010، مارس 2012، فبراير 2014، وفبراير 2019.
في زيارته لكوريا في فبراير 2019، تم توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين البلدين. وجاءت زيارة الرئيس يون سوك يول لتعزز هذه العلاقات وتوسع آفاق التعاون بين البلدين.
زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى سول تهدف إلى إعطاء دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خاصة في مجالات الاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والطاقة ، بعد نجاح التعاون في مشروع محطات براكة للطاقة النووية، يسعى البلدان لتوسيع التعاون ليشمل مجالات أخرى عديدة.
ومن الجانب الكوري، قام عدد من الرؤساء بزيارات مهمة إلى الإمارات، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز علاقاتهما الثنائية.
تطور العلاقات
تأسست العلاقات الثنائية بين الإمارات وكوريا الجنوبية رسمياً في عام 1980، وتم تعزيزها بإقامة سفارات وتبادل زيارات رفيعة المستوى. ارتقت العلاقات إلى “شراكة استراتيجية” في عام 2009، ثم إلى “شراكة استراتيجية خاصة” في عام 2018.
هذه العلاقات تمتد إلى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتشهد تطوراً مستمراً بفضل الدعم والحرص المشترك من قيادتي البلدين على تعزيز التعاون.
مشروع براكة
يمثل مشروع “براكة” للطاقة النووية السلمية نموذجاً متميزاً للتعاون التنموي بين الإمارات وكوريا الجنوبية.
اختيرت شركة “كيبكو” الكورية في عام 2009 كمقاول رئيسي لإنشاء المحطات في منطقة الظفرة. هذا المشروع يعد الأول من نوعه في العالم العربي ويعكس نجاح التعاون الثنائي في مجال الطاقة النووية.
العلاقات الاقتصادية
تشمل العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وكوريا الجنوبية مشاريع عملاقة في قطاعات الطاقة، الابتكار، التكنولوجيا، والطب، الإمارات تعد الشريك التجاري الثاني خليجياً وعربياً لكوريا الجنوبية.
في عام 2022، بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين 3.4 مليار درهم خلال شهري يناير وفبراير، بزيادة 9% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022. الإمارات هي ثاني أكبر مصدر للنفط إلى كوريا، وتعد سوق الإمارات وجهة رئيسية للشركات الكورية.
التعاون الصحي
شهد التعاون الصحي بين الإمارات وكوريا الجنوبية تقدماً كبيراً، مع توقيع العديد من مذكرات التفاهم. يتلقى أكثر من 3500 مريض إماراتي العلاج سنوياً في كوريا الجنوبية، مما يعكس قوة العلاقات الصحية بين البلدين.