اكتشاف مجرى قديم لنهر النيل يكشف أسرار بناء الأهرامات
اكتشف علماء مجرى قديم لنهر النيل بات جافاً حالياً، كان يتدفق بجانب نحو 30 هرماً في مصر القديمة، بما في ذلك أهرامات الجيزة.
يعتقد أن هذا المجرى قد ساعد في نقل المواد اللازمة لبناء هذه الهياكل الأثرية قبل حوالي 4 آلاف سنة.
وفقاً لدراسة نشرت في مجلة “كوميونيكيشنز إيرث آند إنفايرنمنت”، فإن النهر المسمى “الأهرامات”، بطول 64 كيلومتراً، كان مدفوناً تحت الأراضي الزراعية ورمال الصحراء لفترة طويلة.
تفسير موقع الأهرامات
أوضح معهد البحوث الفلكية في مصر، الذي ساهم في الدراسة، أن العديد من الأهرامات، التي تعود إلى عصر المملكتين القديمة والوسطى، كانت تحتوي على جسور مائية تنتهي بمعابد الوادي التي ربما كانت بمثابة موانئ نهرية على طول الوادي.
أشار المعهد إلى أن فرع النيل الرئيسي، المعروف بفرع الأهرامات، كان له دور في بناء الآثار، حيث كان نشطاً في ذلك الوقت ويستخدم كممر مائي لنقل العمال ومواد البناء.
التغيرات البيئية والجغرافية
وأضاف المعهد أن جغرافيا وادي النيل في مصر خضعت لعدة تغيرات بيئية وهيدرولوجية على مر آلاف السنين. في أوائل عصر الهولوسين، أي قبل 12 ألف عام قبل الميلاد، تحولت صحراء شمال إفريقيا من صحراء جافة إلى بيئة تشبه السافانا، مع وجود أنظمة أنهار كبيرة وأحواض بحيرات نتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر.
هذا التحول جعل المنطقة خصبة وجاذبة للحياة، في حين كان وادي النيل غير ملائم للحياة البشرية بسبب ارتفاع منسوب الأنهار.
نشاط نهر النيل خلال الهولوسين
أشار المعهد إلى أنه في منتصف عصر الهولوسين، قبل 10 آلاف عام قبل الميلاد، كانت مستنقعات المياه العذبة شائعة داخل سهول فيضان النيل، مما أدى إلى زيادة مناطق السكن على طول الحواف الصحراوية للوادي.
ومع نهاية عصر الهولوسين، انخفض هطول الأمطار بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة الجفاف في الصحراء الكبرى وانتقال المزيد من الناس للإقامة باتجاه وادي النيل.
بناء المجمعات الهرمية
مع بداية عصر المملكة المصرية القديمة حوالي 2686 قبل الميلاد، تم بناء المجمعات الهرمية المبكرة، بما في ذلك هرم زوسر المدرج، على هوامش السهول الفيضية.
خلال هذا الوقت، كان تصريف النيل أعلى بكثير من مستواه الحالي، مما ساعد في الحفاظ على فروع متعددة للنهر .
بمرور الوقت، هاجر المجرى الرئيسي للنهر جانبياً، وتراكم الطمي على فروعه الطرفية، مما أدى إلى بُعد العديد من المواقع القديمة عن مجرى النهر الحالي.
دراسات لتحديد مجرى النيل القديم
كشف المعهد أن الجزء الأكبر من السطح الأصلي لسهل فيضان النيل القديم تم إخفاؤه إما بالنشاط البشري أو الطمي العريض والصفائح الرملية ، لذا، أصبحت الأساليب الفردية، مثل البحث في الأرض عن بقايا فروع النيل السابقة المخفية، صعبة بشكل متزايد. تمت بالفعل إجراء عدة دراسات في مصر لتحديد أجزاء من مجرى النيل القديم.
دراسات حديثة
كشفت دراسة أجراها عالمان كبيران عن جزء من قناة نيلية قديمة عمرها حوالي 5000 عام قرب مدينة ممفيس القديمة.
تبين من خلال هذه الدراسة أن مدينة ممفيس، العاصمة الأولى لمصر الموحدة، تأسست على ضفة هذا الفرع. خلال فترة حكم الأسرات، هاجر الفرع الجانبي للنيل بشكل ملحوظ نحو الشرق، وكشفت دراسة أخرى استخدمت بيانات النهر والتصوير المقطعي للمقاومة الكهربائية عن جزء من فرع النيل القديم يعود تاريخه إلى عصر الدولة الحديثة، يقع قرب حافة الصحراء غرب الأقصر.
النتائج الحديثة
أشارت الأبحاث الحديثة بالقرب من هضبة الجيزة إلى وجود نهر سابق وبيئة شبيهة بالمستنقعات في السهول الفيضية شرق أهرامات الجيزة الثلاثة الكبرى الحالية.
هذه الاكتشافات تسهم في فهم كيفية انتقال المواد وبناء الأهرامات وتفسير سبب بناء هذه المعالم الأثرية في تلك المواقع بالتحديد.