تقارير

قرار حلّ مجلس الأمة في الكويت: تحليل الوضع السياسي وتوقف العمل ببعض مواد الدستور

أصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمرًا أميريًا يقضي بحلّ مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور لمدة تصل إلى أربع سنوات، بهدف دراسة جوانب المسيرة الديمقراطية خلال هذه الفترة.

القرار الأميري بحل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور يأتي في ظل خلافات وإملاءات سياسية تشهدها البلاد، ويأتي هذا القرار قبل موعد افتتاح أعمال المجلس الذي انتُخب مؤخرًا، وذلك بسبب تعثر رئيس الوزراء في تشكيل الحكومة نتيجة رفض بعض النواب المشاركة فيها.

وصف أمير الكويت، الشيخ مشعل، الخطوة بأنها “قرار صعب لإنقاذ البلد وتأمين مصالحه العليا”، مشيرًا إلى أن البلاد واجهت “مصاعب وعراقيل لا يمكن تحملها”، وأكد عدم السماح بالاستغلال السلبي للديمقراطية لتحطيم الدولة.

أشار أمير الكويت في خطابه إلى بعض الدوافع وراء هذا القرار، بما في ذلك “تدخل” بعض النواب في صلاحيات الأمير واختياره لولي عهده، الأمر الذي يعد حقا دستوريا صريحا للأمير.

ويقول الدكتور عايد المناع، أكاديمي وباحث سياسي، إن “الخلاف على تشكيل الحكومة كان أحد الأسباب المهمة، فبعض النواب رفض الدخول في التشكيل الحكومي والآخر فرض شروطا غير مقبولة وإملاءات على رئيس الوزراء والسلطة السياسية”.

وفقًا للدستور الكويتي، يجب أن يتولى نائب على الأقل حقيبة وزارية اكتمال التشكيلة الحكومية، إلا أن رئيس الوزراء المكلف لم يتمكن من إقناع أي من النواب بالمشاركة في التشكيل الحكومي.

وفيما يتعلق بتصريحات أمير الكويت حول “بوادر فساد وتطاول على المال العام”، يشير الدكتور عايد المناع إلى أن هذه الاتهامات صدرت من كلتي السلطتين التنفيذية (مجلس الوزراء) والتشريعية (مجلس الأمة).

ويضيف المناع أن تهديدات بعض النواب بتقديم استجواب فوري ضد وزراء سابقين، في حال عودتهم، زادت من الخلاف السياسي وتهديدات الاعتراض والمساءلة التي يمتلكها نواب مجلس الأمة الكويتي، وهو أمر نادر في المنطقة الخليجية.

ويعتبر المناع أن توجيه الاتهامات للوزراء السابقين قبل إعادة تعيينهم يتعارض مع مبدأ العدالة، الذي يقتضي أن يتولى الوزير منصبه أولاً، ثم يتم استجوابه إذا لزم الأمر.

يلاحظ أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت، محمد الفيلي، أن خطاب أمير الكويت استند إلى حقيقة انحراف التجربة السياسية عن الأهداف الدستورية.

ويضيف الفيلي فى أن هناك اعتراف صريح بمرجعية الدستور، ولكن المشكلة تكمن في سوء التعامل مع الأهداف الدستورية من جميع الأطراف السياسية، بما في ذلك الحكومة نفسها.

تعلق الدكتورة استقلال العازمي، أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، على القرار الأميري بالقول إن “الكويت تتجه نحو مرحلة تأسيسية جديدة وترسيخ للجذور الديمقراطية بعد سنوات طويلة من الخلافات المستمرة بين الحكومات والبرلمانات”.

ماذا بعد تعليق الحياة السياسية؟

هذا هو الثالث في تاريخ الحياة السياسية في الكويت، حيث سبق أن تم اتخاذ إجراء مشابه لأول مرة في عام 1976، ومرة أخرى في عام 1986، وفي المرتين السابقتين تمت العودة للعمل بدستور عام 1962. كما أنها المرة الثالثة عشر التي يتم فيها حلّ مجلس الأمة.

يشير أستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت، محمد الفيلي، إلى أنه يمكن فهم المشهد كوقف مؤقت، أي أننا نشهد تفعيل قواعد دستورية انتقالية تحكم مرحلة محددة، وتأتي هذه القواعد استناداً إلى دستور البلاد عام 1962 وأهدافه ومعطياته.

وفقًا لما صرح به الأستاذ القانوني محمد الفيلي، خلال الفترة المقبلة سيقوم فريق مختص بدراسة ومراجعة مواطن الخلل في بعض أجزاء الدستور أو قوانينه التفصيلية، ليقدم لاحقًا اقتراحاته وتوصياته للقيادة السياسية.

ويرجح الباحث السياسي الدكتور عايد المناع أنه سيتم الاتجاه نحو الاستفتاء الشعبي في هذا السياق.

وتطرأ الشطي، المحامية والناشطة في حقوق الإنسان، على أن الوعي الديمقراطي غير المكتمل يشكل جزءًا من أساس الصدمات السياسية التي تواجه البلاد منذ سنوات، مضيفة أن اختيار نواب مجلس الأمة بناءً على القبيلة والمصالح الشخصية دون النظر إلى المؤهلات الأخرى هو جوهر الخلاف والمشكلة.

ويعتقد المناع أن المخرج من هذه الدوامة السياسية يكون بتشكيل حكومة جاهزة للمساءلة السياسية وقادرة على المواجهة، مما يسهل المسيرة السياسية.

ما هي المواد الدستورية التي توقف العمل بها؟

المادة 51: تفرض أن “السلطة التشريعية يشترك في توليتها الأمير ومجلس الأمة وفقًا للدستور”.

المادة 56: تنص على أن “الأمير يُعيِّن رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويُعفيه من منصبه، ويُعيِّن ويعفي الوزراء بناءً على ترشيح رئيس مجلس الوزراء، وتعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، ولا يزيد عدد الوزراء عن ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة”،تم تعليق العمل بالفقرتين الثانية والثالثة منها التي تتعلق بذكر أعضاء مجلس الأمة.

المادة 71: تتعلق بإصدار “مراسيم الضرورة” في غياب مجلس الأمة، وتم تعليق العمل في الفقرة الثانية التي تشير إلى عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال 15 يومًا من تاريخ صدورها.

المادة 79: تم تجميد العمل بها بشكل كامل وتنص على أنه “لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير”.

المادة 107: جمد العمل بها بشكل كامل وتتناول صلاحيات أمير الكويت في حلّ مجلس الأمة ووجوب إجراء الانتخابات في موعد محدد من تاريخ الحلّ.

المادة 174: تعلق عمل بها وتتعلق بإجراءات “تعديل الدستور”.

المادة 181: علق العمل بها بشكل كامل وتنص على عدم جواز تعطيل أي حكم من أحكام الدستور إلا في الحدود التي يبينها القانون، وعدم جواز تعطيل انعقاد مجلس الأمة في تلك الأثناء أو المساس بحصانة أعضائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى