«العيدية» تقليد عريق يجسد الفرح والعطاء في المجتمعات العربية
تُعتبر «العيدية» من المظاهر الأساسية التي تكمل بهجة الأطفال في العيد، وهي عادة قديمة متأصلة في المجتمعات العربية، عبارة عن مبلغ نقدي يقدم من الآباء للأطفال، لنشر جو من المرح، وتماشيًا مع التطور الذي نشهده حاليًا.
ابتُكرت طرق حديثة ومبدعة لتقديم العيدية بشكل هدية، وتغليفها بشكل محبب للصغار، في صناديق خشبية أو كرتونية مزخرفة وميداليات بأشكال كرتونية محببة توضع داخلها، مطبوع عليها عبارات التهاني لزيادة البهجة في نفوسهم.
وتكمن أهمية العيدية في أنها إحدى الصور الخاصة بالموروث الشعبي، وتجعل الأطفال يحبون العيد ويعبرون عن فرحتهم، ويترقبونه لزيارة الأهل والأقارب، للحصول عليها، فتدخل السرور إلى قلوبهم، وتعودهم على تواصل الأرحام وزيارات الأهالي.
«العيدية» كلمة مشتقة من عيد، وتعني العطاء أو العطف، واختلفت الأسماء التي أطلقت عليها على مر العصور، حيث يعود تاريخ ظهورها إلى مصر، وبالتحديد للعصر المملوكي، حيث كان من عادة كل سلطان، أن يصرف راتبًا لكلّ الأمراء والجنود وموظفي الدولة، وأطلق المماليك عليها اسم «الجامكية» أي المال المخصص لشراء الملابس، ثم حرفت لتصبح العيدية.
وهناك روايات تاريخية أخرى تشير إلى أنها ظهرت في مصر في العصر الفاطمي، وكانت تعرف بأسماء عدة آنذاك، منها «الرسوم» و«التوسعة»، وحرص الفاطميون على توزيع النقود والثياب على المواطنين خلال فترة الأعياد، وكانت عيدية السلطان للبعض عبارة عن طبق ممتلئ بالدنانير الذهبية أو الفضية، ومعها كانوا يقدمون الأطعمة الفاخرة المميزة.
وحرص الفاطميون على توزيع «العيدية» مع الكساء، بخلاف ما كان يوزع على الفقهاء والقراء بمناسبة ختم القرآن ليلة العيد من الدراهم الفضية، وعندما كان الناس يذهبون إلى قصر الخليفة للتهنئة، كان ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من شرفة أعلى أحد أبواب قصره.
وفي أيام العثمانيين صارت تُقَدَّم للأطفال على شكل نقود وهدايا، وهو الطقس المتعارف عليه حتى يومنا هذا، ثم انتقلت إلى كل البلدان العربية لتكون ركناً أساسياً من أركان الفرحة والتراحم والتواصل ومشاركة البهجة بين الكبار والصغار.