منوعات

حكم صلاة التراويح في شهر رمضان وبيان فضلها

تستعد الدول الإسلامية اليوم لإعلان موعد صلاة التراويح، التي تُعد نفحة من نفحات رب العالمين، للمسلمين، لنتحدث معًا عن فضل وثواب صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك.

وصلاة التراويح سنةٌ نبويةٌ في أصلها، عُمَريَّة في هيئتها، سَنَّها سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمته في شهر رمضان المعظَّم؛ فقال: «شَهْرٌ كَتَبَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ» رواه ابن ماجه في “سننه” من حديث عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه.

صلاة التراويح سنة

وهي شعيرةٌ عظيمةٌ من شعائر الإسلام ثَبَتَ فضلُها وجزيلُ ثوابها والترغيبُ في أدائها في أحاديث كثيرة؛ منها: ما رواه الشيخان في “صحيحيهما” عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم” (6/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [معنى إيمانًا: تصديقًا بأنه حقٌّ مقتصدٌ فضيلتُهُ. ومعنى احتسابًا: أنْ يريدَ اللهَ تعالى وَحدَهُ، لا يقصد رؤيةَ الناس ولا غيرَ ذلك مما يخالف الإخلاص. والمراد بقيام رمضان: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها] اهـ.

وصلاة التراويح من السنن المجمع على سنيتها، وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحدٍ من العلماء.

قال الإمام داماد أفندي الحنفي في “مجمع الأنهر” (1/ 135، ط. دار إحياء التراث العربي): [(التراويح)… (سنة مؤكدة) للرجال والنساء جميعًا بإجماع الصحابة ومَن بعدهم مِن الأئمة] اهـ.

وقال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب” (4/ 31، ط. دار الفكر): [فصلاة التراويح سنة بإجماع العلماء] اهـ.

حكم صلاة التراويح للمنفرد

من المقرر شرعًا مشروعية صلاة التراويح للمنفرد، سواء كان ذلك في البيت أم غيره.

قال الإمام الطحاوي الحنفي في “مختصر اختلاف العلماء” (1/ 313، ط. دار البشائر الإسلامية): [روى المعلَّى عن أبي يوسف قال: “مَن قَدَر أن يصلي في بيته كما يصلي مع الإمام في رمضان فأحب إليَّ أن يصلي في البيت”، وكذلك قال مالك. وقال مالك: “كان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس”، قال مالك: “وأنا أفعل ذلك، وما قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا في بيته”، وقال الشافعي: “صلاة المنفرد في قيام رمضان أحب إليَّ”] اهـ.

وقال الإمام النفراوي المالكي في “الفواكه الدواني” (1/ 318، ط. دار الفكر): [ولما كان فعلها في البيوت أفضل قال: (ومن شاء قام) أي: صلى التراويح (في بيته ولو بإمام؛ وهو أحسن) أي: أفضل من فعلها في المسجد (لمن قويت نيته وحده)، ومعنى قويت نيته: أن يكون عنده نشاط في فعلها في بيته.. وإنما كان فعلها في البيوت مع القيود أفضل للسلامة من الرياء؛ لأن صلاة الجلوة على النصف من صلاة الخلوة] اهـ.

وقال الإمام الماوردي الشافعي في “الحاوي الكبير” (2/ 291، ط. دار الكتب العلمية): [صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أفضل إذا لم يكن في انفراده تعطيل الجماعة، فهو قول أكثر أصحابنا] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في “الإنصاف” (2/ 181، ط. دار إحياء التراث العربي) في بيان أحكام صلاة التراويح: [ومنها: فعلها في المسجد أفضل، جزم به في “المستوعب” وغيره. قلت: وعليه العمل في كلِّ عصرٍ ومصرٍ، وعنه: في البيت أفضل، ذكر هاتين الروايتين الشيخ تقي الدين، وأطلقهما في “الفروع”] اهـ.

حكم صلاة التراويح في وسائل المواصلات

مشروعية صلاة التراويح في وسائل المواصلات تندرج تحت ما تقرر من جواز صلاة النوافل والسنن على الدابة والراحلة في السفر الطويل الذي تقصر فيه الصلاة، وقد تقرر هذا بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.

فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 115].

ذكر الإمام الفخر الرازي في دلالة هذه الآية أوجهًا، وذكر منها أن الآية نزلت في صلاة التطوع على الراحلة في السفر؛ فقال في “مفاتيح الغيب” (4/ 19، ط. دار إحياء التراث العربي): [أن الآية نزلت في المسافر يصلي النوافل حيث تتوجه به راحلته.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إنما نزلت هذه الآية في الرجل يصلي إلى حيث توجهت به راحلته في السفر. وكان عليه السلام إذا رجع من مكة صلى على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة، فمعنى الآية: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا﴾ وجوهكم لنوافلكم في أسفاركم: ﴿فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾؛ فقد صادفتم المطلوب: إن الله واسع الفضل غني، فمن سعة فضله وغناه رخص لكم في ذلك؛ لأنه لو كلفكم استقبال القبلة في مثل هذه الحال لزم أحد الضررين: إما ترك النوافل، وإما النزول عن الراحلة والتخلف عن الرفقة، بخلاف الفرائض، فإنها صلوات معدودة محصورة؛ فتكليف النزول عن الراحلة عند أدائها واستقبال القبلة فيها لا يفضي إلى الحرج بخلاف النوافل، فإنها غير محصورة؛ فتكليف الاستقبال يفضي إلى الحرج] اهـ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى