أخبار عربية

تأثير رفع أسعار الفائدة على الاقتصاد المصري وقيمة الجنيه

شهد الجنيه المصري انخفاضًا حادًا أمام الدولار، الأربعاء الماضي، بعد إعلان البنك المركزي عن رفع أسعار الفائدة بنسبة 6 في المئة، مما أثار تساؤلات المصريين حول تأثير هذه الخطوة على حياتهم اليومية وقدرتهم الشرائية. فقد خسر الجنيه المصري نحو ثلث قيمته أمام الدولار، حيث ارتفع سعر الصرف لأكثر من 50 جنيهًا في المصارف الحكومية والخاصة.

خسر الجنيه المصري 60 في المئة، من قيمته في مقابل الدولار، الأربعاء في 6 مارس، بعدما قرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بمعدل 6 نقاط، مما أدى إلى تسجيل معدلات قياسية للإيداع والإقراض، وذلك في إطار جهود للتصدي لأزمة النقد الأجنبي. ووصل متوسط سعر الدولار في المصارف الحكومية والخاصة إلى أكثر من 50 جنيهًا.

وقال البنك المركزي إنه رفع أسعار الفائدة 600 نقطة، وإنه سيسمح بأن يتحدد سعر الصرف وفقاً لآليات السوق.

حيث جاء هذا الارتفاع بعدما استقر سعر الدولار في البنوك خلال الفترة الماضية عند 31 جنيهًا تقريبًا.

أثار هذ القرار المالي جدلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر المواطنون عن تساؤلاتهم حول جدوى القرار وتأثير سعر صرف الدولار في السوق الموازية أو السوق السوداء على معيشتهم، خاصة فيما يتعلق بأثره على أسعار المواد الاستهلاكية في مصر، حيث تشهد بالفعل مشاكل متعلقة بالغلاء وفوضى التسعير.

في بيان صادر عن البنك المركزي المصري، أكدت السماحية بتحديد سعر الصرف وفقًا لآليات السوق، مشيرةً إلى أهمية توحيد سعر الصرف، وذلك في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعرَي صرف السوقين الرسمية والموازية.

قرر البنك المركزي المصري السماح بتحديد سعر صرف الجنيه وفقًا لآليات السوق، إلى جانب تنفيذ زيادة قوية في أسعار الفائدة بنسبة 6 في المئة دفعة واحدة، بالإضافة إلى رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة.

وأشار البنك المركزي إلى أن توحيد سعر الصرف يأتي في إطار جهوده لتحقيق الدور المنوط به في حماية متطلبات التنمية المستدامة والمساهمة في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، بعد إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والسوق الموازية.

أشار المركزي المصري إلى أن القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي يساهم في تقليل التضخم، بعدما شهدت الضغوط التضخمية انحسارًا تدريجيًا، مع توحيد سعر الصرف.

وأوضح أن هناك جهودًا تُبذل لإعادة تقييم معدلات التضخم المستهدفة، بالإضافة إلى التصدي للمخاطر المتعلقة بالتوترات الجيوسياسية الإقليمية وتقلبات أسواق السلع الأساسية العالمية والأوضاع المالية العالمية.

أوضح مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في مؤتمر صحفي، أن توحيد سعر الصرف يعد إجراءً بالغ الأهمية يسهم في التخلص من تراكم الطلب على النقد الأجنبي.

وأضاف «مدبولي» أن هذه القرارات تأتي في إطار استمرار جهود التحول نحو إطار مرن لمكافحة التضخم، مع السماح لسعر الصرف بالتحديد وفقًا لآليات السوق. وأكد أن الحكومة والبنك المركزي سيواصلان مراقبة الأسواق بدقة خلال الأيام المقبلة، وتقييم تأثير هذه القرارات.

لم تكن فكرة التعويم مفاجئة بالنسبة للمتابعين، نظرًا لتفاقم التضخم والانكماش الاقتصادي. ومع ذلك، هناك اختلاف في الآراء بشأن فائدة هذا الإجراء من الناحية الاقتصادية. بينما يرون البعض أنه إيجابي وضروري لسد الفجوة بين السوق الرسمية والسوق الموازية، المعروفة بالسوق السوداء، والتي قد تقلل من تقلبات الأسعار للسلع والخدمات.

بالمقابل، يعبر المشككون في هذه الخطوة عن قلقهم إزاء الفوضى المحتملة في السوق، حيث قد يضطر المستوردون إلى اللجوء إلى السوق الموازية لشراء الدولار نظرًا لعدم توفر السيولة النقدية لدى المصرف المركزي لتغطية حلقة الاستيراد. هذا الأمر قد يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في سعر الصرف، وبالتالي زيادة في تكلفة المعيشة.

ومع ذلك، أشار حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، في مؤتمره الصحفي، إلى أن مصر حاليًا تمتلك ما يكفي ويفيض لسداد التزاماتها الدولارية.

ونوه «عبد الله» إلى أن عدم توحيد سعر الصرف سيؤدي بالضرورة إلى ظهور سوق سوداء في جميع الجوانب، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة على السندات الدولارية إلى 25 في المئة، على الرغم من أنها وصلت حالياً إلى 6 في المئة.

على الرغم من المخاوف المحيطة بالخطوة، يعتبر بعض رجال الاقتصاد والأعمال في مصر أن القرار يمثل إجراءً تصحيحيًا، حيث من المتوقع أن يساهم في ضبط سوق سعر الصرف.

وجَّه الخبير جيمس سوانستون، الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مذكرة بحثية، إلى أن هذا التطور يدل على التزام صناع السياسات بالعودة إلى العقيدة الاقتصادية.

وأشار إلى أنه من المرجح أن يُمهِّد هذا الإجراء الطريق لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في غضون ساعات، مؤكدًا أنه يبدو أن هذه الخطوة إيجابية لمصر على طريق الخروج من أزمتها الحالية، وهو ما تحقق بالفعل.

وأشارت لجنة السياسة النقدية المصرية في تعليقاتها إلى أنها ترى أن هذا التشديد سيعزز الموقف النقدي بما يكفي لتثبيت توقعات التضخم، وسيستمر هذا التشديد طالما كان ضروريًا لتحقيق المسار المطلوب لخفض التضخم.

تاريخيًا، خاضت مصر رحلة تخفيض قيمة عملتها في عدة مناسبات، سواء كان ذلك ردًا على أزمات محددة أو لتحقيق توازن بين العرض والطلب، بهدف تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة الاحتياطيات من العملات الأجنبية، وقد أثر ذلك في نفس الوقت على مستويات حياة المواطنين.

واليوم، بعد فترة طويلة من الصراع مع ارتفاع متسارع في الأسعار نتيجة لتدهور قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، يطمح المصريون إلى تجنب المزيد من الغلاء وتقليص تأثيره على القدرة الشرائية، وخاصة مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد تقلبات كبيرة في الأسعار بشكل عام.

فهل ستحقق الإجراءات الحكومية المقبلة التي تم اتخاذها نتائج إيجابية تُلمسها الشعب المصري من خلال انخفاض معدل التضخم واستقرار الأسعار؟ هذا ما ستظهره الأيام المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى