أخبار عربية

نحو استجابة استباقية للأزمات.. جامعة الدول العربية تطلق أول منتدى عربي للإنذار المبكر

لم تعد الكوارث تنتظر طويلاً لتطرق أبواب المنطقة العربية. فيضانات مفاجئة، موجات حر غير مسبوقة، عواصف تضرب بلا إنذار، وأزمات إنسانية تتسع دوائرها مع كل طارئ جديد. وسط هذا المشهد المتسارع، لم يكن انعقاد المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث مجرد فعالية رسمية، بل رسالة سياسية وإنسانية مفادها أن زمن رد الفعل وحده لم يعد كافياً.

في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اجتمع ممثلو الدول العربية وخبراء الكوارث ووكالات الأمم المتحدة تحت سقف واحد، بحثاً عن إجابة لسؤال جوهري: كيف يمكن إنقاذ الأرواح قبل أن تتحول الأزمات إلى مآسٍ؟ المنتدى، الذي عقد تحت شعار «معاً من أجل تنسيق أفضل واستجابة أكثر فاعلية»، عكس إدراكاً عربياً متنامياً بأن الإنذار المبكر لم يعد ترفاً تقنياً، بل ضرورة أمنية وتنموية.

من على منصة الافتتاح، كان التحذير واضحاً: التغير المناخي لم يعد تهديداً بعيداً، بل واقعاً يفرض نفسه بقسوة على المجتمعات العربية، ويختبر قدرتها على الصمود. الرسالة الأساسية تمثلت في الدعوة إلى الانتقال من عقلية إدارة الكارثة بعد وقوعها، إلى بناء منظومات قادرة على التنبؤ والاستعداد والتقليل من الخسائر قبل فوات الأوان.

الجامعة العربية بدورها قدمت نفسها كلاعب تنسيقي محوري، مستندة إلى الاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2030، وآليات إقليمية تسعى لربط الإنذار المبكر بالاستجابة السريعة، وتوحيد الجهود بدل تشتتها. فالكارثة، كما أجمع المشاركون، لا تعترف بالحدود، ولا تواجه بجهود منفردة.

على هامش الجلسات، بدا واضحاً أن التكنولوجيا والاتصالات باتتا في قلب المعركة. من أنظمة الرصد المناخي إلى شبكات الاتصال السريع، ومن التمويل المستدام إلى بناء القدرات المحلية، تنوعت محاور النقاش، فيما تصدّرت التجارب العربية الناجحة واجهة الحوار باعتبارها نماذج يمكن البناء عليها إقليمياً.

المنتدى، بشراكاته الواسعة مع منظمات أممية وإقليمية، لم يطرح حلولاً جاهزة بقدر ما فتح باباً للنقاش حول مستقبل إدارة المخاطر في العالم العربي. مستقبل قد لا يمنع الكوارث، لكنه قد يغيّر نهايتها، من فاجعة مفاجئة إلى خطر مُدار، ومن خسارة مؤكدة إلى إنقاذ ممكن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى